أيــــــــران :
لم تكن ايران ببرنامجها النووي هي الشاغل الاكبر للرئيس الامريكي .. بل اتخذها مشجبا يعلق عليه فشله في العراق .. ومن هنا .. وفي محاولة لصرف الانظار عما يجري في العراق .. ولكي يستميل اليه من يقفون في الوسط من اعضاء الكونغرس .. فانه هول الخطر الايراني بشكل صرفت معظم رجالات الادارة بما فيها بعض الديمقراطيين النظر عما يجري في العراق الى (كارثة ) اكبر يصورها الرئيس الامريكي عندما تحصل ايران على السلاح النووي .. ولم تكن هنالك قناعة لدى اي طرف امريكي حتى الديمقراطيين انفسهم بان برنامج ايران سلمي .. لكنهم رأوا فيه توطئة لصنع القنبلة النووية .. خاصة وان ايران قد اعتمدت على نفسها في تخصيب اليورانيوم .. ولم تلق بالا لكل النداءات والتهديدات التي وجهها الرئيس الامريكي واعضاء ادارته .. كما لم تلق بالا لبعض الجهات التي فوضها الرئيس بمحادثة الايرانيين .. واصبحت المسألة الايرانية مع مرور الوقت .. من اعقد المسائل التي يصعب حلها .. فقد بدأها الرئيس الامريكي كلعبة اطفال يلهو بها تعمية على ما يجري في العراق .. ولكنها اتخذت اسلوبا تحريضيا لكي يقتنع الجميع في الادارة وفي الكونغرس من ان امتلاك ايران لهذا السلاح يهدف بالدرجة الاولى الى مهاجمة اسرائيل التي تمتلك ترسانة نووية مخيفة ..
وحماية لامن اسرائيل وعدم تمكين اي دولة في الشرق الاوسط من امتلاك السلاح النووي او التكنولوجيا النووية عدا اسرائيل .. فان الرئيس وصل الى حد التهديد بعمل عسكري لضرب المفاعلات النووية الايرانية .. ولم ينس من خلال عرضه للاحداث ان يؤكد ان المشكلة يمكن ان تحل بالطرق التفاوضية ..
وقد بدأ العمل من خلال المقاطعة التي يعرف جيدا انها لا تؤثر كثيرا على ايران .. لان ايران لها من المنافذ ما تستطيع معه ان تتفادى العقوبات الامريكية وحتى عقوبات الامم المتحدة .. فطالما تمتلك ايران المال فانها حتما سوف تخرج من ورطة العقوبات لكي تتجه الى الجوانب الاخرى التي تحتاج للمال لبناء اقتصادها او لتعديله .. وكانت روسيا من اوائل الدول التي يمكن لايران ان تستميلها الى جانبها وذلك لحاجة روسيا الى المال .. خاصة وانها قد انصرفت في المدة الاخيرة الى بناء اجهزتها العسكرية والتسليحية والتقنية .. في مجابهة بدت في اول الامر كلامية .. ثم اصبحت حقيقة واقعة امام عيون الادارة الامريكية .
لقد ظهرت المرحلة الثالثة من خطة الرئيس الامريكي في الاجتماع الذي عقدته اركان الادارة لبحث تنفيذها ولو ادى ذلك الى وقوع كوارث في منطقة الشرق الاوسط .. فمن العقوبات سوف ينتقل الرئيس ( حسب الخطة) الى التنفيذ .. وقد ساعده حظه في الرجل الذي اختير في فرنسا لقيادتها .. اذ اطمأن الى ان المحافظين الجدد الذين برزوا في الولايات المتحدة قد بدأوا يكونون انفسهم في فرنسا .. وجزئيا في المانيا .. ومن هنا فان خطته الثالثة تقضي بتمتين اواصر هذا التحالف خاصة بعد ان تركت بريطانيا الميدان واكتفت بما قدمته من دعم للرئيس الامريكي في حربه على العراق نتيجة الضغط الشعبي عليها ..
ان مجريات الخطة تفيد ان الجيش الامريكي الاحتلالي لن يستخدم في الضربة على ايران .. اذ سوف يلجأ الطيران الحربي الامريكي بالتكفل بتدمير المحطات النووية الايرانية اضافة الى ضرب البنية التحتية الايرانية ضربات موجعة ومن ثم ايقاف الحرب فجأة بعد اصدار الامم المتحدة قرارا ملزما للجميع بوقف الحرب .. ولكن اعضاء الادارة من العسكريين نصحوا الرئيس بان لا يقدم على ذلك .. اذ ربما قامت ايران بتجميع قوتها ومن ثم مهاجمة العراق ليس بهدف احتلاله.. ولكن بهدف حشر القوات الامريكية فيه واستهدافها في عمليات عسكرية مقاومة تحدث ضررا كبيرا في صفوف تلك القوات .. ولقد ابلغوه ان معلوماتهم الاستخبارية عن القوات الايرانية تقول ان ايران تستعد استعدادا مكثفا على مدار اربع وعشرين ساعة يوميا في استنفار دائم .. مما جعل الرئيس الامريكي يجتمع مع اولئك العسكريين اكثر من عشر مرات في خلال الاشهر الماضيه .
سوريــــــا
سبب الموقف السوري الممانع للرئيس الامريكي صداعا دائما .. اذ لجأت سوريا الى اتباع اساليب تكتيكية ذكية لكي تمتص نقمة الرئيس وتسحب البساط من تحته امام الكونغرس والرأي العام الامريكي .. فبالرغم من الاتهامات المتتابعة لسوريا بانها وراء ما يجري في لبنان بدءا من قتل الحريري وانتهاء بالتفجيرات التي تتم لمسئولين لبنانيين. فان دليلا واحدا لم يثبت تلك الاتهامات .. ولقد جندت المخابرات الامريكية كل جهودها لكي (تفبرك) تهمة واحدة يثبت حدوثها ولكنها لم تستطع حتى هذه اللحظة .. ولم يستطع الرئيس الامريكي ان يقف على ملأ ليقول للعالم انه يتهم سوريا ويعطي دليلا او بعض دليل .. بل كانت جل احاديثه تتبع الظن فيما يقول .. فقد اتهم سوريا بانها وراء تأجيج الاوضاع في العراق .. وانها تهرب المقاتلين عبر حدودها لقتال الامريكيين .. وقامت سوريا بالمقابل بامتصاص ما قاله الرئيس بان ارسلت وزير خارجيتها الى العراق ليعيد العلاقات معه .. واتهمها الرئيس الامريكي ظنا بانها وراء قتل الحريري فقامت سوريا بالموافقة ضمنا على تشكيل المحكمة الدولية وفق تحفظات قالتها في مجلس الامن .. ومن ثم اتهمتها الادارة الامريكية بانها تسعى للحصول على التكنولوجيا النووية ووقعت اسرائيل في الفخ فقامت طائراتها بالاستطلاع لكنها لم تجد شيئا .. وفي الوقت الذي كانت فيه الادارة الامريكية تحاول اختلاق عاصفة كاذبة كانت سوريا تحني رأسها للعاصفة حتى تمر .. فتنفي عن نفسها تهم الارهاب وايواء الارهابيين بل وتلاحق بعض الفئات التي جندت لتخريب الاوضاع الامنية في القطر السوري ..
ولقد تبخرت كل الذرائع التي تحاول الادارة الامريكية الصاقها بسوريا فلجأت الى اسلوب اللعب على الاعصاب فقامت اسرائيل بمناورات ضخمة في منطقة الجولان .. استعدادا كما يقال لحرب قادمة .. ورغم نفي الاسرائيليين بان المناورات استعداد مسبق .. فانها كانت تهدف الى استنزاف الجهد السوري وابقاءه في حالة استنفار دائم ..
لقد وضعت الادارة الامريكية بالتنسيق مع اسرائيل خططا بديلة يمكن ان تنفذ في اللحظة المناسبة .. واذا ما كان الرئيس الامريكي يعرف ان المنطقة واعني منطقة الشرق الاوسط لا يمكن ان ( تهدأ) الا اذا تخلت سوريا عن مواقفها الوطنية والقومية .. فقد تضمنت الخطة في مضمونها اجتياحا امريكيا اسرائيليا يبدأ من العراق والجولان في آن واحد .. وينتهى بتدمير قوة الجيش السوري والزحف على لبنان لانهاء حزب الله .. بمساعدة من اطراف لبنانية تتسلح تسليحا مكثفا سريا لمعاونة الجيش الامريكي والاسرائيلي معا .. لكن المعلومات التي حصلت عليها الادارة الامريكية مؤخرا قد افادت بان بسوريا تحصن نفسها بمنظومة من الصواريخ التي يمكن ان تؤثر تأثيرا مباشرا على سير الحرب .. خاصة وان تجربة اسرائيل مع حزب الله ما تزال ماثلة .. وهناك حوارات داخل الاجهزة العسكرية الامريكية والاسرائيلية بالتعاون مع القيادة السياسية في كلا البلدية لاستبدال الاجتياح بضربات جوية متلاحقة وقوية أملا في تدمير منظومات الصواريخ التي حصلت عليها سوريا من روسيا وايران معا ..
هذا الامر يجابه بمعارضة قوية من داخل الجهاز العسكري الامريكي .. ويدللون على ذلك باحتلا ل العراق .. اذ أن أمر الاجتياح سيكون سهلا في تدمير البنى التحتية .. ولكن الحفاظ على المواقع بعد الاحتلال أمر صعب للغايه .. خاصة وان الاحتياطي الامريكي الذي يحمي امريكا من الداخل قد استنزف جزء كبير منه في حرب العراق .. وان الاحتياطي الاسرائيلي الذي خصص للضفة الغربية وغزه .. يمكن ان يصاب بالشلل اذا ما تحركت قوى حزب الله والمقاومة الفلسطينية لرد الهجمة ..
وفي مجمل كل ذلك .. فان الوضع الامريكي الداخلي الذي يعارض الحرب ويسعى جاهدا لافشال مشاريع الرئيس في التوسع يمكن ان يجهض ما يقوم به الرئيس او خططه التي تهدف الى توريط الجيش الامريكي في حرب ربما كانت عواقبها وخيمة ..