فلسطين :
لم تكن خطة الطريق التي طرحها الرئيس الامريكي قد اعلنت بعد .. وقد نوقشت الخطة قبل اعلانها مع شارون رئيس وزراء اسرائيل آنذاك .. واجرى عليها قبل اعلانها الكثير من التعديلات الجوهرية التي عرضتها اسرائيل في الزيارات المتكررة لمسئولي الادارة الاسرائيلية .. وقد طرح في الاجتماع موضوعة التخلص من عرفات بان اسند الامر لاسرائيل في القيام بهذا الامر .. وقد نوقشت الامور بمنتهى الصراحة.. فقد ذهب بعض المجتمعين ان الفوضى سوف تعم اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بعد التخلص من عرفات .. وطرح البعض ان الرئيس الفلسطيني يمسك العصا من الوسط .. وان التوافق بين فصائل المقاومة في سياسته امر مفصلي .. وانه لا مجال لحدوث اقتتال فلسطيني فلسطيني ابان رئاسته .. وهذا يعني ان خارطة الطريق اذا ما رفضها عرفات سوف تتجمع الفصائل حوله فينتفى الغرض من تطبيقها او اعلانها .. لذا فقد ووفق على ان تطبيق الخارطة وفق الرؤية الاسرائيلية لا تتم الا بغياب عرفات عن الساحة نهائيا .. وكان الجميع يعرف ان عباس او قريع سوف يخلفه .. وان عباس هو الاقوى .. لذا فقد استدعي عباس سرا الى واشنطن .. وهناك طرح عليه موضوع خطة الطريق بتفاصيلها وتعديلاتها المرتقبة .. ولم يعط عباس رأيا في ذلك .. وانما فهم من مجريات الحديث مع الساسة الامريكيين أن الخطة سوف تنفذ ان لم يكن بالحسنى فبالقوة .. ووعد عباس بان يطرح الامر على بعض القادة الفلسطينيين ممن يتبعون خطوطه التعايشية السلمية مع اسرائيل ..
وفي الاجتماع الذي عقد لتنفيذ المرحلة الثالثة من خطة الادارة الامريكية .. كان عرفات قد غاب عن الساحة .. وكان عباس قد اصبح رئيسا منتخبا .. واصبحت حماس رقما صعبا في السياسة الفلسطينية بعد نجاحها في الانتخابات التي اجريت .. وادرك الجميع ان تنفيذ خطة الطريق التي هي جزء من المرحلة الثالثة للخطة الامريكية لا يمكن ان تمر الا بحدوث اقتتال فلسطيني فلسطيني .. ولم يدر بخلدهم ان غزة يمكن ان تنفصل عن الضفة الغربية باقتتال داخلي .. فقد كان هذا الامر بعيدا عن تفكيرهم .. غير انهم كانوا يأملون ان تصل الامور بين فتح وحماس الى الدرجة التي يحدث فيها اقتتال جزئي يمكن ان يحدث تغييرات في قيادة حماس لمصلحة السلطة الوطنية الفلسطينية .. ولقد تحقق نتيجة الاحداث التي تلت اكثر مما كانت تصبو اليه الادارة الامريكية ..وبذا فانها اتخذت من اعلان اسرائيل ان غزة كيانا معاديا قد حقق طموحات هذه الادارة .. فقامت على الفور بانها الدولة الثانية التي تعلن ان غزة كيانا غير مرغوبا فيه .. ليقوم الرئيس الامريكي بتبني دعوته في عقد مؤتمر دولي تنفذ فيه خارطة الطريق وفق دولة لا ( حماس ) فيها . وما زال الرئيس الامريكي يأمل حسب مرحلته الثالثة ان تقوم فتح باخراج حماس بالقوة من غزة .. بعد اعطاء الرئيس عباس امكانات تسليحية ودعم سياسي يمكنه من تحقيق هذا الامر .
لبنـــــــان
لم تكن حرب تموز قد وقعت بعد .. وكان الرئيس الامريكي يعتمد اعتمادا كليا على الجيش الاسرائيلي الذي (سوف) يقلب موازين المعادلة السائدة في العالم العربي .. بان يقضي نهائيا علىمعارضة الدولة السورية لما يجري في لبنان .. وقد شنت الولايات المتحدة جملة من الضغوطات على سوريا اسفر عنها خروج سوريا من لبنان .. بعد اغتيال الحريري .. وبذا فان الخطة التي وضعها الجيش الاسرائيلي باجتياح لبنان .. قد أمنت جناحها الايمن وظنت بانها سوف تستفرد بحزب الله الذي كانت المعلومات عن تسليحه ضئيلة لا تصل الا الى مستوى الشكوك .. اذ بعد الانسحاب السوري من لبنان .. ركزت الولايات المتحدة الامريكية جهودها في لبنان لكي تحدث الشرخ ما بين المعارضة والطرف الاخر .. ثم قامت باستدعاء وليد جنبلاط والحريري الابن الى واشنطن منفردين .. ولم تستطع في الوقت نفسه ان تستوعب رئيس التيار اللبناني الحر فخرج من واشنطن ناقما واتجه نحو باريس مقره في النفي قبل الذهاب الى لبنان .. لذا فان كل المؤشرات التي يفهمهما العقل تفيد ان جنبلاط والحريري كانا يعلمان عن الخطة العسكرية الاسرائيلية ( عبر واشنطن ) لتحجيم حزب الله . غير ان الرياح سارت بما لا تشتهي سفن واشنطن .. فاللبنانيون قد خبروا الحرب الاهلية لمدة ست عشرة سنه .. ولم تخلف غير الدمار والخراب للبنان .. واستطاع حزب الله ان يقلب المعادلة الامريكية الى عكسها .. لذا فان كافة الاطراف اللبنانية مجمعة على التوافق حتى المعارضة نفسها .. فمهما قيل ويقال .. فان اللبنانيين في النهاية سوف يلجأون الى العقل في حل المسألة .