تكررت المشاجرات بين عبدالنعيم عثمان وبخيت الزعيري بقرية البراهمة بصعيد مصر، وهما أبناء عمومة بسبب الخلاف على قطعة أرض، كان آخرها يوم الثلاثاء الموافق 2/10/2007 وكانت حامية الوطيس، وقامت شرطة مركز قفط بمدينة قفط محافظة قنا بإلقاء القبض على المتهمين وهم خلف عبدالنعيم عثمان وشقيقيه مخلوف وناصر، ولم يتمكنوا من إلقاء القبض على شقيقهم الثالث المدعو "الخروف عبدالنعيم عثمان". سادة الشرطة لم يكتفوا باحتجاز الثلاثة أشقاء وطالبوا بإحضار شقيقهم المتهم الرابع "الهارب"، وبدلا من أن تمارس الشرطة مهامها في البحث وإلقاء القبض على المتهم الهارب، تعاون اللواءان خالد الجندى وأشرف نصحى من قيادة القطاع الجنوبي فرقة قوص التابع لها مركز قفط بالأمر بإلقاء القبض على النساء اللاتى لهن صلات قرابة ولو من بعيد بالمتهمين، واحتجازهن في مركز شرطة قفط كورقة ضغط على المتهم الهارب "الخروف" ليسلم نفسه للمركز. الشرطة هنا تتخلى عن أداء دورها وتقوم بدور السيد والشعب بدور العبيد، على السيد الأمر وعلى العبد الطكاعة والتنفيذ، المهم تم إلقاء القبض على سبع سيدات وهن: سهير عبدالنعيم عثمان، زينب جاد الرب، هدى محمد أحمد، صباح عباس محمود، نور عبدالعزيز فريد، شادية عبدالرحيم المحطاوى، أمال فكري الصادق، وذاك مساء يوم الثلاثاء 2/10/2007 ومازلن محتجزات في مركز شرطة قفط حتى الآن، ولم يعرضن على النيابة العامة. التهمة التى وجهتها الشرطة لأولائي المحتجزات إيواء المتهم الهارب، وهى تهمة تطير لها الرقاب في الصعيد الجوانى، مع العلم أن المحتجزات تم اختطافهن من قبل الشرطة بعد المشاجرة بقليل فكيف يستقيم اتهام الإيواء يا جهلاء الشرطة.. ألأا تعرفون أنكم تشعلون القرية نارا؟
حاول البعض التوسط لدى مدير أمن محافظة قنا اللواء محمد هلال –بعد معرفة أن ما يحدث هو تنفيذ أوامر السيد مدير الأمن شخصيا الذي يصر على تعليم هذه الناس الأدب- لإطلاق سراح النسوة من مركز شرطة قفط أو تحويلهن إلى النيابة للعامة للتنحقيق، إلا أن مدير الأمن رفض إطلاق سراحهن واشترط لذلك تسليم "عشر بنادق آلى" من المتشاجرين كل طرف يقوم بتسليم خمس بنادق، ناهيك عن المبالغة في العدد، وما نحن بصدده ليس الدفاع عن متهمين ولا مجرمين، نحن بصدد إطلاق صراح نسوة أبرياء لا علاقة لهن بما حدث إلا إذا كان سادة الشرطة ضبطوهم متلبسات حاملات سلاحهن في ميدان المعركة.
احتجاز نساء أبرياء له عواقب وخيمة، يعمق المشاكل .. يجذرها ولا يحلها، وربما نفاجأ بقريب لأحدى المحتجزات إذا ما تمادى سادة الشرطة في التعسف وعدم إطلاق سراحهن ورفض تحويلهن إلى النيابة العامة بسوات، بتعقب من يعتقد أنه أصدر قرارا ظالما بحسب النساء يجلب عليه العار، ويغتاله بسكين أو ببندقية تحت جنح الظلام. أنا لا أهدد لكننى أحذر من تنامى ثقافة العداوة المجتمعية والثأر الشخصي، النساء المحتجزات لاذنب لهن، وتعنت مدير الأمن بعدم الإفراج عنهن يلقى بالزيت فوق النار. وأريد ان أُذكر من لم يذكر وبالقطع هى معلومة في سجلات شرطة محافظة قنا، أذكر بحادثة حدثت في إحدىقٌرى محافظة قنا منذ فترة يذكرها جيلي جيدا عندما اقتحمت قوات الشرطة منزلا وأهانت الأب أمام أبنائه ..وانصرفت، لم يمر اسبوعان إلا وكان قائد القوة جثة طريحة .. جسده مصفاة من أثر الأعيرة النارية التى أُطلقت عليه. هذا ليس للتهديد لكنه للتذكرة، فهذه مشاجرة عادية بين أبناء عمومة لا نقرها ولا ندافع عن المعتدين، وعندما تعجز الشرطة عن ملاحقة الرجال خوفا وتقاعسا في أداء واجبهم، لا يجدون أسهل من احتجاز النساء، رجل الشرطة الذي يعجز عن أداء واجبه بشرف لا يثلح لوظيفته وتسريحه بإحسان منها أكرم له وأشرف للوطن.
لا يعقل أن يظل النساء في الحجز حتى تلك اللحظة ولا يخلى سبيلهن ولا يتم تحويلهن إلى النائب العام، إنها محاولة إذلال، وأحذر من عواقبها، وأحمل مدير أمن قنا المسئولية شخصيا، وبالطبع كل من ساهم في هذه المهزلة اللاأخلاقية.
كل من يهمه الأمر عليه باتخاذ مايراه مناسبا، ونحن لا نطالب بالتعدى على دور الشرطة، لكننا نرفض التجاوز المقيت في أداء مهامها، ولابد وأن يخضع مدير أمن قنا اللواء محمد هلال واللواءان خالد الجندى وأشرف نصحلى للتحقيق الفورى بسبب ممارساتهم غير السليمة، وأعراض النساء ليست لعبة.. ولا يجب أن تكون أداة ضغط لجهاز الشرطة، وعدم القدرة على أداء الواجب لا يعفى من المسئولية.
قد نلتزم الصمت حينا حتى لا يفتضح أمرنا بين القرى المجاورة بسبب احتجاز نسائنا، فهذا فعل يجلب العار على كل القرية، وكذلك الصبر لن يدوم طويلا عندما يفتضح الأمر ويسير الموضوع لبانة تلوكها الألسنة في كل وقت. سأتزك القاهرة مقر عملي وأذهب إلى قريتى البراهمة في منحنتها وليكن ما يكون.. الاعتقال أو الموت وسنحرر نساءنا الرهائن من قبضة الشرطة، وأنا هنا أشهد العالم على تصرفات مدير أمن قنا محدود الأفق والبصر والبصيرة وأدواته الفاعلة، وليعلم قول الله تعالى " ولاتزر وازرة وزر أخرى". نحن لا نطالب بالإفراج عن المتهمين الرجال، نطالب بإخلاء سبيل النساء المحتجزات الأبرياء، وعلى مدير الأمن أن يؤدى واجبه بضمير حى ومن غير تهاون ولا مجاملة.
ليطاب ما يشاء من تسليم أسلحة، ويبقى السؤال كيف تُسلم الأسلحة للشرطة ومن أين تُشترى؟، كل من يقوم بتسليم قطعة سلاح لا يحصل على إيصال يفيد التسليم، وتدور الأيام دورتها ويصبح السلاح متاحا لمن يملك الثمن، ويحتفظ كل من معه قطعة سلاح بها لنفسه ولا يفرط فيها. احتجاز النساء وتسليم السلاح ليس هو الحل، الحل هو أداء الواجب ومحاربة الجريمة قبل وقوعها، وإلقاء القبض على المجرمين الحقيقين عند وقوعها، وتسديد خانات كل تمام يا افندم تضر كثيرا ولا تفيد إلا أعداء الوطن.
احتجاز النساء الأبرياء في مجتمع له خصوصية الجاهلية في معنى العرض مهما بلغ شأن متعلميه هو لعب بالنار، لايجوز التمادي فيه. لم يبق أمامنا حل سوى الذهاب إلى البراهمة والتجمهر والتظاهر أمام مقر الاختطاف فهذه جريمة اختطاف نفذها رجال الشرطة، بدلا من أن يحمون المواطنين يختطفونهم وعلينا بتحرير الرهائن المختطات، وسنواجه الاعتقال وطلقات رصاص الشرطة بصدور مفتوحة عارية. نحن نطالب بالإفراج عن أبرياء، ونتساءل عن سبب تأخرهن في حجز الشرطة وعدم تحويلهن إلى النيابة العامة للتحقيق. نساؤنا لن تكون سبايا ونحن نعيش على وجه الأرض، ورجال الشرطة ليس بأعز علينا من أعراضنا. وتحرير رهائنا فريضة، ومن مات دون عرضه فهو شهيد.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
د. يحيى القزاز