فالحق سبحانه وتعالى يقول في سورة «النساء»: «وعاشروهن بالمعروف». وفي حجة الوداع كان مما خطب به النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحج الأكبر في خطبة «البلاغ»: «ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم لا تملكون منهن شيئاً غير ذلك»- أي حقوق الزوجية التي شرعها الإسلام-.
كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي». وفي ما روى أبوهريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وخياركم خياركم لنسائهم».
وفي حديث متفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً». ويسأل الصحابي معاوية بن حيده رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت» ومعنى -لا تقبح- لا تقل: «قبحك الله».
أما حق الرجل على زوجته فقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح». كما أن على المرأة أن تحسن تربية أبنائها وتهيئ لزوجها ما يشتهيه من طعام مع الحرص على توفير أسباب الراحة والدعة بل والمسامرة والمناغاة، إذ يكفيه ما يلقاه من كبد في العمل، أو يواجهه في السوق من مشاق بسبب المرور ومشاكل بعض السائقين الذين لا خلاق لهم!!
وأختم بما قرأته في كتاب «أخبار عمر» للشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- إذ يقول:
«جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه خلق زوجته، فوقف ببابه ينتظره، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها وهو ساكت لا يرد عليها فانصرف الرجل قائلاً: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين!! فكيف حالي؟!
فخرج عمر -رضي الله عنه- فرأى الرجل مولياً فناداه: ما حاجتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، جئت أشكو إليك خلق زوجتي واستطالتها عليّ، فسمعت زوجتك كذلك، فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي؟! فقال عمر رضي الله عنه: تحملتها للحقوق التي لها عليّ».
والقصد هو حقوق الزوجية بالاصطبار والتراحم تبعاً لما قال به الحق سبحانه وتعالى: «وجعل بينكم مودة ورحمة»، إنها تذكرة للذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه