eng_ghost مراقب عام المنتديات والحوار العام ومنتدى الهندسة المدنية
عدد المساهمات : 4632 تاريخ التسجيل : 16/04/2008 العمر : 38 الموقع : just in my dreams ,, i can reach any place رقم العضوية : 1036 Upload Photos :
موضوع: جمهورية Ω المساطيل الجمعة 8 أكتوبر - 16:30
جمهورية المساطيل
(نظرة حقيقية لنصف الكوب الفارغ)
بقلم: ايهاب محمد 2009
************
تحذير خاص
1-حاول ان تقرأ المقال بعيدا عن نافذة مفتوحة او اي آلات حادة
2- يخضع المقال بالكامل لمقص الرقابة....و عليه فالكاتب غير مسؤل عن اي تشوه في الاحداث...
نظر لي نظرة خاوية و ابتسم في خبث و هو يقول تفتكر اللي داخلين الفيلم داخلينه علشان السياسة... ابتسمت بدوري و انا اقول افلام خالد يوسف لها معني و مهما كانت عقلية المشاهد هياخد الحقنة يعني هياخد الحقنة.. ذادت ابتسامته و هو يقول : بص حواليك كويس قلبت بوجهي الوجوه بين سحب دخان السجائر (البانجو احيانا) و لمحت بعيني لمعة العيون المشتاقة...و سمعت همهمات تضمنت الفاظا بذيئة فتكت بحيائي فتكاً...ثم تصنعت الملل من الأنتظار..! بعد (ربع ساعة) كانت الستارة تزاح و الصفير يعلو شيئاً فشيئاً
*****
في طريق العودة ودعت صديقي و لحقت بالكاد بآخر مترو (قفزا فوق ماكينة التذاكر) اغلق باب المترو خلفي و كاد يكسر قدمي لولا اني نزعتها في اللحظة الأخيرة..بصعوبة بدأت اشق طريقي بين الأجساد المتزاحمة سمعت صرخة الم من عجوز يستند علي مقعد كتب اعلاه (مخصص لكبار السن و لذوي الأحتياجات الخاصة) ابتسمت في سري لما رأيت الجالس (الواقف تقريبا) علي المقعد طفل صغير يصفق بيديه... بعد انتهاء مهمة المترو بتوصيلي الي آخر المحطات جري المعتاد ان اقفز في احد الميكروباصات المزدحمة... الليلة و كل ليلة مئات الركاب في الانتظار...عليك ان تتحول الي الرجل المطاط لتجد طريقا وسط هذا الذحام... البعض من بهلوانات الحياة يفضل ركوب الميكروباص من المقعد الخلفي..البعض يضحي بما تبقي له من آدمية و يركب من الباب الرئيسي... الجزء الأخير من السيدات يسهرن حتي الساعات الأولي من الصباح او يضطرن لركوب التاكسي... اعثر علي مقعدا بعد ساعة و نصف من الانتظار... السائق يبدوا مترنحا و قد نمت ذقنه وشاربه...و يدخن سيجارة (سوجارة) برائحة نفاذة (كنت اظنها حشيش او بانجو) كل السيارات في العالم تبدأ الحركة من الغيار الأول...فقط الميكروباص المصري يتحرك من الغيار الثالث..و نادرا ما يستخدم الفرامل... اغنية شعبية ركيكة الالفاظ رددتها جدران الميكروباص من موبايل صيني يمسك به احد المهاجرين...(المهاجرين من بلاد الريف الي القاهرة) و كان صاحب الموبايل يبدوا في قمة النشوة... رمقه شيخ يمسك بمصحف بنظرة غاضبة..ثم بدأ يقرأ القرآن بصوت عالي...تجاوب السائق مع الأحداث و فتح مسجل الميكروباص علي اغنية شعبية اكثر فظاظة...ليتحول الميكروباص الي قاعة افراح في ثواني...
*****
اغلقت باب الشقة خلفي باحكام...لا احد يأتي بعدي في المعتاد...انا آخر من يأتي.. تسحبت الي حجرتي و فتحت التلفاز الصغير بها... عادة ابدأ بقناة (النيل الأخبارية) كنوع من انواع جلد الذات الذي ادمنته مؤخرا...كم انا مازوخي..؟؟ يردد المذيعين غالبا عبارات مثل مات الملك – عاش الملك ذهب الملك عاد الملك مع صورة طريفة للحاكم الباسم ثم بعض الصور المنتقاة بعناية للأشلاء و الدمار في بلاد العرب مع التأكيد علي التنيد المصري الشهير....و بعض الحوادث و الكوارث في البلاد الأخري... الغريبة ان هناك تجاهل لحالة البلد نفسها...غالبا ما يتم الاعلان عن الكوارث الضخمة فقط...طبعا مع تضخيم دور الحكومة الفذة في حل المشكلة...! تنتهي النشرة الاخبارية و يليها تقرير اخباري لفعاليات مهرجان كان السينمائي... اغلق التلفاز و آوي الي الفراش... اتجاهل رغما عني اصوات محركات السيارات و دقات تدوي من ابعد مكان في العالم... يبدوا النوم لذيذا بعد رحلة شاقة و فيلما ممتعا.. رويدا رويدا...اسقط نائما
*****
صوت نباح كلاب يدوي من بعيد (لابد انها سوداء...و لا بد انها شرسة) وقع اقدام يقترب اكثر فأكثر..يتخلله صوت تكسر لبعض الاعشاب الجافة.. من بعيد و علي الاضواء الواهنة اجد في السير الذي يتحول تدريجيا الي العدو.. يتغير صوت وقع الاقدام تباعا الي العدو.. اسمع صيحات مثل.. - هاتروح علي فين....؟؟؟ - وراك وراك.. المح من بعيد سور لحديقة يقترب مني...و برشاقة احسد عليها اعتلي السور ثم اقفز الي النجيل الأخضر..انفض يدي و انظر خلفي... المح اول الجنود المتسلقين... ياللهول...انه يرتدي زيا عسكريا امريكيا...و لكنه يتكلم مصري بطلاقة عجيبة... و.....
*****
تررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررن انها العاشرة صباحا... افتح عيني ببطء...اصغي لصوت احدهم يقرع بمفتاح فرنساوي علي انابيبه.. صوت آخر قبيح يدوي عبر مكبر صوت ردئ ...مجنونة يا أوطة..خيار يا لوبيا (اعتقد ان سمعي لم يخونني) بعد نصف ساعة من الترنح اقف عند مدخل العمارة.. اسير الهويني الي الميكروباص... قبل المحطة بقليل فوضي و اذدحام شديد,,,العساكر يصرخون في الباعة الجائلين...الظابط جاي...ياللا بسرعة... مهرجان القفز فوق الحواجز و الوثب الطويل و العالي احيانا.. يتحول المكان في لحظة الي مكان هادئ... يمر الظابط...و يعطي التمام الي رؤسائه...اللذين سعطون التمام الي رؤسائهم كما تعودوا بعد انتهاء مرور الظابط.. غالبا تعود المياه الي مجاريها.. ساعة و نصف من الأنتظار في الشارع داخل فرن حراري يطلق عليه في بلادنا اتوبيس عام... نسمع من بعيد صافرات الشرطة و تمر سيارات كثيرة كلها من الجيب الاسود (اعتقد انها مصفحة) ثم صوت من بعيد... خف رجلك يا اسطة... يتحرك الفرن الحراري (البعض يطلق عليه صوبة زجاجية) اصل الي عملي متأخرا جدا كالمعتاد... يهددني رئيس بالفصل...و خصم المرتب المخصوم اساسا يبتسم زملائي في شماتة ......ثم يكمل احدهم حل الكلمات المتقاطعة..و البعض يكتفي بعرض نغمات موبايله علينا شئنا ام ابينا... يسأل احدهم فجأة....حاكم مصري من 5 حروف....اجدني اغمغم دون وعي..."فرعون" *****
نادر ما اخلد الي نفسي و اترك الفرصة لعقلي لممارسة رياضة التفكير الشاقة... يحدث هذا غالبا في اماكن غريبة لغاية....(ليس من بينها الحمام علي اي حال) و كثيرا ما تدوي داخلي اصوات سمعتها و لم اعيرها اهتماما وقت سماعها.. حدث هذا في طريق عودتي...ركبت سيدتان سمينتان متوشحات بالسودا بجواري كان احداهما تتكلم بشئ من الفخر قائلة... - هو انا ابني سابه...ده نزل فوق دماغه بالحديدة لحد ما دخل في غيبوبة و عربية الاسعاف جت شالته... ترد عليها الثانية...يستاهل ده اصله مش متربي.. - اخواته راحوا عملوا محضر في القسم...لكن الواد حمادة ابن اختي امين شرطة هناك - ايوة ايوة عارفاه...حمادة ده كان صاحب ابني و بييجي يلعب معاه زمان...هو بقي امين شرطة اسم النبي حارسه... - بقولك..الواد حمادة عمل معانا احلي واجب...و اتصل بيا انبارح بيقولي المحضر اتقفل يا خالتي.. اعيد الكلام في اذني..و اتخيل مشاهد دموية رهيبة... ابلع ريقي في صعوبة...
*****
دائما و ابدا اعشق الشاي في القهاوي البلدي...حيث الجو الدافئ..و الفرصة متاحة لمراقبة الطريق و التفرس في وجوه الناس... يمر علي صديقي..نراجع معا احداث فيلم الأمس...نضج بالشكوي لبعضنا من رؤسائنا الحمقي... يخرج صديقي من جيبه لفافة تبغ محشوة بأشياء مختلفة (ليس من ضمنها التبغ علي اي حال) و يغمض عينيه مع اول نفس..
*****
في المحكمة... ------------------
يقف المدعي صارخا: انت متهم بالسلبية و اللامبالاة و كره البلد و عدم الاعتراف بالزعيم الملهم و القائد المظفر...و انا من منبري هذا اطالب بتوقيع اقصي عقوبة عليك.. الكلمات الغاضبة تتدفق علي رأسي... اطلب من قاضي المحكمة ان يأذن لي بالكلام... يبتسم في خبث و يقول: تفضل و لكنه لن يحميك من العقوبة... اجمع افكاري في رأسي...و اجدني..اقول و من منا يحب هذه البلاد...؟؟؟ ينعقد حاجب المدعي بشدة و يقول و هو يتميز من الغيظ...سجل يا قاضي و اشهدي يا شهود...التهمة لصقت بصاحبنا اصرخ قائلا: كفي تغرق القاعة في صمت رهيب... اعيد بصوت هادر...لم اكمل كلامي بعد... سيدي القاضي... اي بلاد هذه التي يفر ابناءها منها كالموت.....؟؟؟ اي بلاد هذه التي تحاكم و تسجن قبل ان تسمع صوتي و دفاعي...؟؟؟ اي بلاد هذه التي صارت حلما جميلا فقط في الاغاني و الاشعار...؟؟ راجع يا سيدي القاضي اكثر من 70 % من ابناء هذا الشعب تحت خط الفقر....؟؟؟ هل تدري يا سيدي كيف هو خط الفقر...؟؟؟؟ هل ذهبت يوما الي ما وراء الطبيعة حيث الفقر المدقع و الاطفال يلحسون الزبالة و يشربون من ماء الصرف...؟؟؟ هل دخلت كل قرية و شاهدت كيف يجوّع الرجل اهله و اطفاله و يطعم بهيمته...؟؟؟ هل شاهدت الزحف الرهيب لشباب القري الي المدن و من ثم الي البلاد الأخري...؟؟ هل تعرف المعني الحقيقي لسقوط امة...؟ هل تدري ماذا يحدث عندما يتحول الأنتماء الي هراء...؟ اين المسؤل....اين الحاكم...اين الزعيم و القائد المفدي...و حامي الحمي...؟ اين الراعي المسؤل عن رعيته....؟؟؟ الم تري شباب بلادي....يتحولون الي وحوشا آدمية...؟؟؟ الم يحاكم زميلك عشرة منهم بالشنق دفعة واحدة..؟؟ قاطعني المدعي...ماذا تقول في بلادك تعسا لك..؟ عندك 7000 سنة حضارة...مصطفي كامل...سعد زغلول... قاطعته ببرود... مع الوقت يا سيدي تحولوا الي مصطفي قمر و سعد الصغير...بينما ذهبت ال7000 سنة حضارة الي منخفض القطارة حيث آخر طقوس الفراعين في تعذيب المخالفين..... يا سيدي الفاضل... اننا نسقط...و قريبا جدا عندما نصل الي اسفل السافلين...سنحفر فيها الي اسفل منها يا سيدي القاضي... هل يوجد هنا في هذه القاعة من يحب الوطن....؟؟؟ فليقف و ليرفع يده المكبلة بالذل..و ليرفع رأسه المنكسة دائما و ليفرد وجهه الحزين بابتسامة مفتعلة قائلا...انا... يا سيدي القاضي...هذه بلاد لم تعد كبلادي........!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
تمت
*********
علي الهامش: نجا بطل القصة من الموت في المعتقل و قد دخله لتوجهه السياسي الرافض للزعيم..و نجا من الموت غرقا في عبارة السلام 98 و نجا من الموت اسفل صخور الدويقة..و نجا من الموت بفيروس سي و لكن لسؤ حظه...تعرض لجريمة سرقة من احد البلطجية و لم يكن معه ما يكفي من المال..فأنهال عليه الأول ضربا بعصا حديدية...حتي فارق الحياة.. و للأسف لم يعيش حتي يعرف ان الذي ضربه سيخرج من القضية كالشعرة من العجين و الفضل يرجع لحمادة ابن خالته..!