قال لي : لا داعي للقلق علي ، فأنا لا أدخن أكثر من ثلاثة سجائر يوميا .. أجبته : القلق قائم يا عزيزي لأن من يدخن ثلاثة سجائر الآن سيصبح من المدخنين التقليديين قريبا . فالثلاثة سترتفع إلى خمسة ، وعشرة ، وعشرين ! أن أوله دلع ونتيجته ولع بهذه العادة الضارة التي يعاني منها الملايين ! والبداية – أيها الأحبة القراء ، تبدأ بسيجارة واحدة ، وربما بجزء من السيجارة من صديق أو شقيق أو في حمام المدرسة أو البيت ... لكنها تتطور مع عدم توفر الرقابة والتوعية بالنسبة للأطفال وطلاب المدارس ، ومع قيام الوالدين أو الأشقاء الكبار في المنزل بالتدخين أمام الصغير الذي يقتدي بهم .. فهم قدوته . وتكبر المسألة وتستفحل !
· لقد عمدت شركات تصنيع السجائر إلى وسائل غير إنسانية لاصطياد الشباب ، وذلك بالإعلان عن مسابقات وجوائز قيمة في مناسبات عامة مختلفة ، وتقديم علب سجائر أنيقة وولاعات جميلة مجانا في الأسواق المركزية والأماكن العامة كالمجمعات التجارية ، تقوم بتقديمها فتيات بمظهر مثير للمراهقين بحيث يتم اصطيادهم إلى الموت المحقق ...! · فالأهم في كل ما تقدم أن يكون القدوة .. قدوة صالحة ، وسواء كان القدوة هو الوالد أو الوالدة أو الشقيق الأكبر أو المدرس فيجب أن يمتنع بنفسه عن التدخين أمام الأطفال والصبيان والمراهقين ... لأنهم يقتدون به ويقلدونه ، فيعتقدون أن السيجارة علامة على الرجولة والنضج .. وما دام قدوتنا يدخن فلم لا ندخن ؟! لذلك وقبل أن يقوم ولي الأمر أو المدرس بتقديم النصح والوعظ إلى الأطفال والمراهقين بالامتناع عن التدخين عليه أولا أن يبدأ بنفسه ليكون مثلا يحتذى وقدوة لأولئك الصبيان أو المراهقين ، فلا ينه عن خلق ويأتي مثله ! · وإذا ابتلي احد ولاة الأمر – كالأب أو الأم أو الشقيق الأكبر أو المدرس – بالتدخين ، ولم تكن إرادته وعزيمته قادرة على منعه عن تلك العادة الضارة ، لعلى الأقل عليه أن يستتر عن أعين أبنائه وأهل بيته – أو طلابه إذا كان مدرسا – وأن لا يشملهم بالأضرار الناجمة عن دخان سجائره فيصبحوا مدخنين سلبيين لا ذنب لهم إلا أنهم أهله ويعيشون معه تحت سقف واحد ! · وبالنسبة إلى المدرس ، فأن عليه أن يمتنع أيضا عن التدخين قبل أن يقدم النصائح إلى تلاميذه أو ينهرهم إذا علم أو رأى احدهم يدخن ، فكيف ينهى عن التدخين والسيجارة في فمه .. أو بين إصبعيه .. أو رائحة فمه وانفه وملابسه تزكم الأنوف ؟ فإذا لم كالحافلات ومكاتب العمل والمستشفيات والمدارس والعيادات يستطع منع نفسه وتحت كل الظروف يجب عليه أن لا يدخن داخل جدران المدرسة .. وإلا فأنه سيكون قدوة سيئة وغير صالحة . والجهات الرسمية – لحسن الحظ – لجأت مؤخرا بعد انتشار التدخين بين صغار السن من طلاب وغيرهم ، وبعد ثبوت أضراره التي تؤدي إلى الموت ، إلى منع التدخين في ألاماكن العامة..وخصصت للمدخنين غرفا صغيرة خاصة بهم يدخنون داخلها وهو معزولون عن الناس كالموبوءين بمرض فتاك ! · وما يغيظ أكثر من المدرس وا لأب المدخن ، الطبيب الذي ينصحك بالإقلاع الفوري عن التدخين لحماية رئتيك الضعيفتين وقلبك وشرايينك ... والسيجارة بين شفتيه .. أو أمامه !! انه الاستهتار بعينه بالقوانين ، وبصحة الآخرين وإدراكهم ، فالمريض له عينان تلحظان سيجارة الطبيب . والطالب له عينان وهو يرى سيجارة المدرس ، وكذلك الطفل أو الابن في المنزل ! · لقد أعلن أن في بريطانيا وحدها أربعة عشر مليون مدخن ، يرغب عشرة ملايين منهم في الإقلاع عن التدخين بعدما ذاقوا مرارة الأمراض والمعاناة في صحتهم – عدا عن الناحية الاقتصادية والمصاريف التي تحرق ثمنا للسجائر ، وعدا عن تذمر الأهل والأصدقاء وزملاء العمل من روائحهم الكريهة والضارة .. ومظاهر المرض التي على رأسها الكحة والسعال ! · وهناك شركات تقوم بالترويج لأدوية قامت بتصنيعها للمساعدة على الإقلاع عن التدخين ، ويوما بعد يوم نسمع أو نقرأ عن دواء جديد يضاف إلى تلك الأدوية التي يقال أنها تساعد المدخنين .... ويكفي أن تعلم أيها القارىء الكريم بأن مبيعات تلك الشركات من تلك الأدوية بلغت عام 1991 تسعمائة مليون دولار أمريكي صرفت منها على الدعاية مائة مليون دولارا ! · والطريقة المثلي ، أن يمتنع المدخن بنفسه وبإرادته وقناعته الشخصية بعد أن ثبت بالتقارير العلمية والطبية واسعة الانتشار أن التدخين ضار بصحة المدخن ومن حوله ، وملوث رئيسي للبيئة . ولا اعتقد بأن هنالك إنسان ليست لديه الإرادة أو يعجز عن اتخاذ قرار خاص بصحته وصحة أهله ، بدون أدوية مساعدة وبدون طلب من أي إنسان ! فالحياة حياته .. والصحة صحته ... وهو إنسان له عقل وإدراك وفهم للأمور |