لن نحتكر بعد اليوم".. صرخة أطلقتها فنزويلا وتبعتها كوبا اعتراضا على الهيمنة التكنولوجيا الأمريكية؛ فبعدما أخذت الأولى المبادرة بالتحول إلى نظام التشغيل لينوكس تبعتها كوبا، في إطار اعتراضها على التكاليف الباهظة لتحميل برنامج التشغيل ويندوز التابع لشركة مايكروسوفت الأمريكية. اعتبر مسئولون كوبيون محاولة التحول عن نظام ويندوز إلى أحد نظم المصادر المفتوحة جزءا من الأمن القومي، بما يشكله ذلك من تهديد لنظامها الأمني، خاصة في ظل توتر علاقتها مع الولايات المتحدة، إلى جانب التخلص من سيطرة وهيمنة الشركة الرأسمالية كما تراها كوبا.
يأتي موقف الدولتين بعد وقت قصير من إعلان البرلمان الفرنسي تحويل أجهزة مكاتبه إلى نظام التشغيل لينوكس في يناير 2007، وذلك لما يتميز به البرنامج من إمكانية لتكييفه تبعا لمتطلبات العمل، إضافة لكونه نظام التشغيل المجاني الوحيد في العالم، حيث يمكن الحصول عليه مجانا من الإنترنت أو على أقراص مضغوطة بأسعار رمزية، إلى جانب صعوبة اختراقه أمنيا على عكس نظام ويندوز.
مبادرات من الشرق والغربوتثير مبادرة الدولتين القلق من تشجيعها عددا آخر من الحكومات لتحويل نظم التشغيل لدى هيئاتها الحكومية إلى نظام لينوكس مفتوح المصدر، وهو ما سبق أن حاول عدد من الدول القيام به من بينها الصين والبرازيل والنرويج، خاصة لما يتمتع به النظام من قدر عال من الأمن؛ فاستنادا إلى مجلة سكوت جرانمان في مقالة نشرت في أكتوبر 2003 فإنه يوجد في لينوكس حوالي 40 فيروسا وهو عدد قليل مقارنة بمايكروسوفت ويندوز التي يوجد فيها حوالي 60.000 فيروس، ويرى البعض أن قلة الفيروسات في لينوكس سببها عدم انتشار النظام عالميا مقارنة بويندوز، بينما يؤكد البعض أن سببه تصميم النظام الذي يسمح بدرجات عالية من ا?مان.
وإلى جانب التحركات الحكومية باتجاه نظام اللينوكس فهناك تحركات أخرى شعبية؛ ففي عام 2004 دشنت مجموعة من الشباب المصري موقعا على شبكة الإنترنت للتعريف بنظام "لينوكس" بوصفه من أنظمة التشغيل المعلوماتية المجانية والمتاحة باللغة العربية في محاولة لكسر احتكار الأنظمة المغلقة.
وتعد هذه الحملة واحدة من كثير من الحملات الأخرى المنتشرة حول العالم اعتراضا على سيطرة مايكروسوفت على سوق البرامج في العالم؛ لدرجة أن 95% من برامج الحاسبات المكتبية تخضع لها وحدها، ولم تفلح قضية منع الاحتكار (التي رفعتها الحكومة الأمريكية) أواخر التسعينيات الماضية أو مثيلتها الجارية الآن من قبل الاتحاد الأوروبي في أن تزعزع قبضة مايكروسوفت على الساحة التكنولوجية.
مصائب مايكروسوفتويشكل لينوكس شوكة في ظهر مايكروسوفت يتفاحل ألمها يوما بعد يوم، ويصف "ستيف بولمر"، المدير التنفيذي لمايكروسوفت "لينوكس" في مؤتمر عقد عام 2001 بأنها أخطر تهديد لشركته. أضف إلى ذلك أن نظام "لينوكس" أصبح منافسًا قويًّا في سوق الحواسيب الخادمة للشركات؛ إذ يعمل على حوالي 23% من هذه الحواسيب عالميًّا (بعد نظام تشغيل مايكروسوفت الذي يحظى بنسبة 55%).
كما أن نمو استخدام نظام "لينوكس" على الحواسيب الشخصية يتزايد بمعدل 25% سنويًّا حسب ما تذكر دراسة لشركة (IDC) لأبحاث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقدر الدراسة إيرادات بيع أجهزة الكمبيوتر ذات نظام لينوكس بـ10 بلايين دولار بحلول عام 2008، وسيكون المشغل لحوالي 17 مليون جهاز حول العالم، كما يتوقع أن تقفز حصة الأجهزة المدارة بـ لينوكس من 3% في 2003 إلى 7% بحلول 2008.
إذا عرف السببولنظام التشغيل لينوكس عدة مزايا تدفع إلى التحول لاستخدامه؛ فهو نظام تشغيل قائم على أوامر يونكس، وهو مخصص للأجهزة الشخصية ويدعم الإنترنت، وقد تطور بسرعة فائقة وحصل على شعبية كبيرة.
من المزايا العظيمة لهذا النظام الأداء المتفوق عند تشغيله على كل من الأجهزة المتطورة وتلك ذات المواصفات المتواضعة. على عكس برامج مايكروسوفت التي تطرح دوما برامج جديدة تتطلب مساحة أوسع على القرص الصلب وأجهزة ذات قدرات أكبر.
إلى جانب ذلك يمتاز اللينوكس بعدم تواجد مؤسسة بعينها مسئولة عن تطويره؛ فيقوم عليه متطوعون من كل مكان عبر الإنترنت؛ لذا يتم تلافي المشاكل التي تظهر بالنظام في وقت قصير.
فيما مضى تفوق الويندوز على اللينوكس في سهولة التركيب، لكن تطويره سهّل عملية تثبيت أغلب نسخه لتضاهي الويندوز، فبينما يتطلب تنصيب البرامج في اللينوكس إلى كتابة بعض الأوامر يكتفى في الويندوز بالنقر عليه.
وتتفوق ويندوز في توفير كم ضخم من البرامج خاصة المتخصصة والتي لا تتوفر منها نسخ متوافقة مع لينوكس؛ وهو ما يعد امتيازا كبيرا لصالح ويندوز في مقابل لينوكس، وإن كان هذا الأمر في طريقه للتحسن، خاصة أن بعض الشركات العملاقة مثل IBM وOracle بدأت بتوفير نسخ من برامجها متوافقة مع لينوكس. ما زال لينوكس يعاني من مشاكل في التعرف على بعض القطع المختلفة من العتاد hard ware، وهذه مشكلة مؤرقة لحد ما، غير أن من أهم مميزاته أنه يحتوي على نظام أمني مدمج لحماية البيانات السرية