فخامة الرئيس رفقاً بالفول والطعميه ..
ماذا تقول عن وطنٍ تفديه بكل أفكارك وأحلامك .. فإذا به يبصقُ في وجهك كل صبـاح .. ترسم له من آمالك سوراً عريضاً فإذا به يشنق آمالك على نفس السور وأحياناً يشنقك أنت ..!ّ
فخـامة الرئيس مما لا شك فيه بأنّك كنت يوماً مواطناً مثلنا .. وما لا شك فيه أيضاً أنك عشت في فترة كانت أسوأ من وقتنا الحاضر ولو أنّ الأمور كانت ميسرة وقتها ولم تتأزم على نمطنا الحالي .. لكنك اليوم صرت تعيش في برج يبعد عن الشعب بمسافاتٍ كونية هائلة .. ماذا لو عُدت مواطناً مرّة أخرى ومواطناً عادياً هل يا ترى كنت ستحسّ بمعاناة الملايين من أبناء هذا الشعب الّذين لم يعد لهم من هدفٍ في الحياة إلاّ كيفية الكفاح والنضال مع ما ذلك البلاء الشهير بِـ " لقمة العيش " ..
يا فخـامة الرئيس .. يسرني أن تعرف .. وربّمـا أنت تعرف جيداً .. أن هذا الشعب لم يعد لديه أي اهتمامات وطموحات فالتعليم والثقافة والإبـداع لم تعد تشغل بال المواطن كثيراً بقدر ما يشغله الصراع مع احتياجاته المعيشية الضرورية التي بقدر انعدامها ينعدم نَفَسه الأخير على ظهر هذا الكوكب ..
فخـامة الرئيس سنتحدث عن رقم صغير جداً قد لا يعني لك شيئاً وربما لم تعد تتذكره .. هذا الرقـم هو خمسون قرشا .. هذه الخمسون قبل عهدك السعيد كانت تكفي بما يمثل وجبة صبوح أو عشاء عادي يكفي لاسرة من خمسة افراد .. أمّـا اليوم فلم تعد تعني هذه الخمسون شيئاً على بُعـد .. حصل للأسعـار ارتفـاع عظيـم فمن يرى الأسعـار قبلك ويراهـا اليوم يتأكد له أن سنوات حكمك السعيده بها من البلاء اضعاف ما فعله سابقيك ... ناهيك عن وعود الانتخابات تلك الانتخابات الّتي فزت فيها عن جدارة لا ينكرها إلاّ أحمق .. فهل يمكننا ابتكار تسميات كـ " حقبة ما قبل الانتخابات وعصر ما بعد الانتخابات " جرّاء الهوة السحيقة التي تضاعفت الأسعـار بعدها
أيضاً
يـا فخامـة الرئيس لن ننسى مصرمبارك الّذي وعدتنا بها وجعلنا المليار مُلصق وخطبك العصماء عن الاصلاح والتي نحفظها ظهر غيب .. أملاً في خيرها القـادم .. اليوم يا فخـامة الرئيس .. لا يذكرنا بمصر مبارك الجديده إلاّ ارتفاع الأسعـار وضياع أمنياتنا وما نتمناه .. فكل الذي كان يشتهيه المواطن وكان في متناوله أصبح اليوم من أمانيه ربما المُستحيلة أحياناً ..
يـا فخـامة الرئيس متـى آخر مرة تذوقت فيهـا الفول والطعميه؟؟ .. ربما مرَّ عليك زمنٌ طويل وأنت مشغول بالحكم فنسيت هذا المنتج الوطني العريق .. هذا المنتج هو حليف تاريخي للمواطن .. لكن سياسة الأسعار قد سببت أزمـة في علاقة المواطن بالفول .. فدبّ الضعف في هذه العـلاقة كون الفول أصبح ذا شأن في مصر مبارك .. وحتى الطعميه ذلك المخلوق اللطيف البسيـط الذي يُبـاع حسب نظام البورصـة فمرّة يرتفع حتى يكاد الحصول علي واحده منها من الإنجازات .. ومرّة يكسـد كساداً عظيماً فما سرّ هذا التخبط ؟
فخـامة الرئيس رفقـاً بهذه الكائنات الوطنية طبعاً .. فالمواطن لم يعـد يعرف من وراء هذه الظواهر .. هل هو المسؤول أم التاجر أم المواطن نفسـه ؟
فخـامة الرئيس لـم يعد شيء هُنـا لا يرتفع سعره إلاّ الإنسـان إلاّ البني آدم.. فسعره ثابت وربما يذهب تحت الصفر في بعض الظروف .. الإنسـان هو من ظلّ في مكـانه .. بينما الأشيـاء من حوله ترتفع في الأعـالي ..
فخـامة الرئيس كمـا أنت مؤمن بالثورة والوحـدة .. نحنُ أيضاً .. عدوّهن الأوّل هـو ذلك الفـاسد الذي يبدد المـال العـام .. ذلك الذي يمسح بكرامة المواطن الأرض .. ذلك الذي يعتلي المنصب أو الوظيفة وكأنها حقّ إلهي أوكل إليه .. له الصلاحيات المُطلقة في التصرف .. لا يراعي فيه لا حرمة دين ولا وطن ..
وأمثال هذا الفاسد نماذج كثيرة ومتعددة .. هؤلاء هم من يجعلون المواطن يكفر بالوطن ويجحد به ..
فينا من يحب الثورة والوحدة والوطن أكثر وأعظم من هؤلاء الفاسدين والمُطبلين الّذين يتشدقون يومياً بالزيف والضلال .. ويسوقون لك الوهـم والخرافـة وقد يبيعون الوطن والثورة والوحدة مع أوّل هزة أو كارثة تطرأ وربما يتركوه وراء ظهورهم .. كما هي عادة الخونة والفاسدين وفاقدي الضمير على مرّ التاريخ .. فخـامة الرئيس .. عليك بهـم إن أردت إصلاحاً وخيرا .. عليك بهـم بدلاً من محاولات الترقيع والخُراط الرسمي .. فإنّهـا لا تُجدي نفعاً .. لا تجعل المواطن يكفر بوطنه فالأمـور لا تسير في صالحك ولا في صالح الوطن .. لن ينفعك الندم حينهـا في ساعةٍ يتحول حقد الشعب وغضبه إلى براكين مسممة تجتاح كل ما تراهـا أمامها
فخـامة الرئيس إنني أخاطبك هكـذا .. لأنّك حجر الزاوية .. وعمادهـا .. ولأن كل يقوم به الفاسدون .. خيراً وشرا .. ينسبونه إلى توجيهات فخامتك التي ساء استغلالها على نحوٍ جعل المواطن يراك وراء كل شر .. ووراء كل جميل وخير وأنك محور الحل لأي مشكلة تحدث أو تحصل حتى تتدخل فيهـا .. لم لا فأنت بعد كل هذا أنت المحـور .. سواء ثباتاً أو سقوطا ..
فخـامة الرئيس مع كلّ ما سبق فإني أبشرك .. بأنّ هذا الشعب مع قلّة وعيه إلاّ أنه شعب مكـافح من الطراز الأوّل .. يقاوم التحديات والأعاصير لِم لا .. وهـو الذي عبر إلى أصقاع الأرض منذُ القـدم .. وهو اليوم نفس الصورة .. فملايين منه خارج الوطن شرقاً وغربا تكد لياليها وأيامها وتقاسي آلام الاغتراب.. قد عبر عنها البردّوني ذات نكد ( ونصف شعبك ها هُنا يشقى ونصفٌ في الشعوبِ مشردُ ) .. لكنها وفيـة فهي تعـود إلى الوطن وتعمر فيه ولا تنساه مهما غابت .. فارتباطها بذاكرة الأرض يرسم لوحة وفاء فخمة وبارزة .. لا يمكن تكذيبهـا .. آثارها تملأ الواقع أينما ذهبت ..