تلاعب بالنتائج أم تلاعب بالمشاعر؟

التقارير السخيفة والخطيرة عن "تفويت" الزمالك لمباراته أمام الإسماعيلي تضرب نزاهة المسابقة في مقتل وتهدد بعواقب جماهيرية خطيرة .. فهل هناك تلاعب في نتائج المباريات بالفعل أم أن هذه الهوجة هي تلاعب بمشاعر المشجعين الذين يختلط لديهم التوتر بالترقب بالحماس مع قرب انتهاء الدوري؟

فمن قبل مباراة القمة، والتقارير نفسها تنتشر في كل مكان: الزمالك سيفعل كل ما في وسعه للفوز على الأهلي أو التعادل مع على أقل تقدير ثم يخسر عامدا مع سبق الإصرار أمام الإسماعيلي حتى يمهد للدراويش الطريق نحو التتويج بطلا للدوري!

أحدهم يسميه تفويت وآخر يصفه بالتعاطف أو المجاملة ولكن لا أحد يريد إطلاق التوصيف المعروف عالميا وهو "التلاعب في نتائج المباريات" لأن أحدا لا يقدر خطورة هذه التهمة التي تسببت – حينما ثبتت بأدلة دامغة – في هبوط بطل الدوري الإيطالي إلى الدرجة الأدنى وعزل رئيسه قبل سنوات.

ولم يوجه أي من هؤلاء إلى انفسهم سؤالا بسيطا وهو هل يحتاج الإسماعيلي إلى مساندة غير شريفة من الزمالك في مباراتهما معا؟ الإجابة هي "بالطبع لا".

المنطق يقول إن صاحب أقوى هجوم في الدوري الممتاز حتى الآن (45 هدفا) لا يحتاج مجاملة للتسجيل في مرمى فريق لم يستطع الحفاظ على نظافة شباكه سوى في سبع مباريات من أصل 27 مباراة خاضها في الدوري هذا الموسم.

التاريخ الحديث يقول إن المباريات الأربع الأخيرة التي جمعت بين الفريقين في الدوري انتهت أولها بالتعادل فيما يحافظ الإسماعيلي على عادة جديدة هي الفوز على الزمالك وبنتيجة واحدة هي 1-صفر في اللقاءات الثلاثة الأخيرة (مرتين في القاهرة ومرة في الإسماعيلية).

علم النفس يقول إن الفريق صاحب الدوافع الأكبر وهو الإسماعيلي الذي يسعى للفوز بالدوري أقرب للانتصار من فريق آخر كل ما يهمه هو إنهاء الموسم بصورة مشرفة، ولا ينافس حتى على مركز مؤهل لبطولة إفريقية.

اطرح كل ما سبق جانبا، واسأل نفسك سؤالا آخر: من في الزمالك لديه الجرأة على أن يطلب تفويت المباراة من شباب صاعد لايزال يشق طريقه في عالم الاحتراف، ويريد الحفاظ على ثقة الجمهور ومساندته، ويتلمس أولى خطواته في عالم الشهرة والنجومية؟

هل هو مجلس إدارة راحل عن النادي بعد أيام ومنغمس في عملية انتخابية شائكة؟ أم جهاز فني يقوده مدرب سويسري صارم ليس لديه فكرة عن مفهوم "أبناء العم" ويساعده مدرب مصري أكثر صرامة مشهود له بالنزاهة من المنافسين قبل الأصدقاء؟

المؤكد أن ترويج أمر خسارة الزمالك عمدا هو أمر سخيف وخطير .. سخيف بحكم المنطق والتاريخ وعلم النفس وخطير إلى درجة أبعد مما يتخيل مروجوه، الذين يضعون بنزين التعصب بجوار نار العنف، ليصنعون قنبلة قد تنفجر في وجوه الجميع خاصة إذا تمكن الإسماعيلي من اقتناص الدرع من الأهلي.

ففي موسم يشهد توترا غير مسبوق بين روابط مشجعي الأهلي وقوات الشرطة المصرية، وخلافات بين إدارة الأهلي والاتحاد المصري بسبب حقوق البث، فإن أي شائعة عن مؤامرة يكون ضحيتها النادي الأحمر قد يكون لها عواقب وخيمة.

وإذا كانت الإثارة الصحفية مقبولة في بعض الأحيان، فإن التلاعب بمشاعر المشجعين المتحمسين وتأصيل هذه الفكرة في عقولهم أمر غير مسؤول ويمنح المتهورين منهم مبررا للخروج عن النص.