حبر وصابون

ممكن آخد البطاقة علشان ادخلها في جيبي قبل ما أيدى تتوسخ ، " ايدك مش حتتوسخ " أزاى ؟ " باقول لك ايدك مش حاتتوسخ " لا يمكن بحال من الأحوال أن تجادل موظف حكومى يتكلم بهذه الثقة وخاصة إذا لم تنس أنك في قسم الشرطة وكنت على وشك التبصيم، والتبصيم يا عزيزي لمن لا يعرف هو إجراء شبه آدمي يتم إجراءه لكل من تسول له نفسه أن يلتحق بوظيفة ذات شأن أو غير ذات شأن في عموم أرجاء مصر يتم بمقتضاه تلوين أصابع يديه بهباب لا مثيل له ليطبع بصماته العشر على المستند الرسمى العتيد ثم بعدها له الله فيما أصاب يديه وجلده وربما ملابسة ولا شك الجدران والأشجار وأعمدة النور القريبة وبعض البعيدة

وبعد أن أدخلنى إلى عرينه وأمسك بيديى برشاقة متناهية وجدتنى في ثوان قد نقشت الورقة بنقوش لا يستطيعها سواى ثم امسك بذراعى ساحباً أياى لخارج الكشك الخشبي ممسكاً في يده الاخرى بقنينة صابون سائل أفرغ منه بكرم غير حكومى على أصابعى مع بعض الإرشادات لطريقة الدعك والتصبين ثم إشارة منه ملؤها الفخر إلى صنبور الماء الذى تكونت تحته بركة سوداء على تربة الحديقة المسكينة التى لا ترتوى إلا بكدر الأحبار وفرحة المواطنين بخلاصهم من بعض كدرها وكدرهم ، بعد حزمة المفاجآت هذه لم أجد في نفسى دافعاً للدهشة عندما بادرنى بمنشفة جافة ونظيفة لأجفف بها يدى، وحلقت في هذا الجو المثالى للتعامل مع الموظف الكريم محاولا تبرير طلبي الأول وكأنى أعتذر له عن تسرعى وعدم تصديقى لقوله أول الأمر، فتسربلت سربال المواطن المغترب طويلا وقلت له دا زمان كان الحبر صعب وما بيطلعش وبيبهدل الدنيا فأخرج لي بحركة مسرحية لها ما بعدها علبة مربادة تذكرت طلعتها " ما هو لسة موجود ، بس أنا باجيب حبر ختامة عادي على حسابي، طبعا أنت شايف يا باشمهندس احنا في مدينة راقية ولازم الواحد يكون عنده نظر بيتعامل مع مين "

طبعا لزمنى عند هذا الحد من الكلام المباح أن يكون عندى نظر أيضاً وأشوف باتعامل مع مين، وبعد ما خليت عندى نظر كررت شكري له وانصرفت سعيدا مسرورا بنظافة يدي و جيبي