الحبار مدير عام المنتدى
عدد المساهمات : 12635 تاريخ التسجيل : 02/05/2007 العمر : 38 الموقع : فى غيابات الهندسة المدنية رقم العضوية : 3 Upload Photos : أهم مواضيعى :
| موضوع: بأحبك يا (....) الثلاثاء 24 مارس - 15:08 | |
| بأحبك يا (....)
كتب محمد هجرس
سعدت للغاية بخبر عزم الحكومة المصرية الموافقة على عرض يابانى بشراء مليون حمار مصرى، بعد أن اكتشفت شركة دوائية أن "حمير" مصر، من أفضل حمير العالم، وأن جلدها غنى جداً بمواد وتركيبات تستخدمها فى إنتاج وتركيب الأدوية.
بصراحة، بصراحة، فرحت أوى.. لأن العرض اليابانى أعاد الاعتبار لحاجة "مصرى" حتى لو كانت لـ"حمار" يبدو أنه هو الآخر، أصبح على استعداد للهجرة، ولكن بطريقة محترمة، وليست كتلك التى تحملها لنا أخبار السوء عن أولئك الشباب الفارين من "برّ مصر" إلى بر أوروبا بحثاً عن حياة أسوأ. طريقة دبلوماسية، وبالطرق الرسمية، فيها دخول من الباب وليس من الشباك، صحيح نهاية الصفقة فيها "سلخ" لكن على الأقل، ح نضمن إن ما فيش واحد ابن ستين (.....) ح ياخد اللحم المتبقى ويبيعه كفتة لناس غلبانة ومحرومة، ونفسها فى أى حاجة مشوية والسلام! شعرت بالزهو، وأحضرت آلة حاسبة لأضرب الثمن المعلن للحمار الواحد المقدر بما بين 400 إلى 600 دولار، وبحسبة بسيطة، لأجد أن إجمالى المبلغ الذى سيدخل الخزانة المصرية بصل إلى 500 مليون دولار، كل دولار ينطح دولار، دا طبعاً، إذا لم تتدخل الحكومة، وتصر على فرض ضريبة مبيعاتها الشهيرة، أو يحاول بعض رجال الأعمال القفز على الصفقة، والمطالبة بأن تكون على غرار اتفاقية الكويز مع إسرائيل، ما يعنى بيع الحمير، بعد الغاز المصرى، بسعر أرخص، نظراً للعلاقات الاستراتيجية التى تربطنا باليابان "الصديقة"، كما تربطنا بإسرائيل "الشقيقة".. تشجيعاً لحركة التصدير والتبادل التجارى. آل إيه.. لأنه والعهدة على الراوى، فإن اليابان ستعيد تدوير هذه المخلوقات "الحميرية" وتعيدها إلينا مجاناً على شكل روبوتات "حميرية" بشكل عصرى..
ربوت حمار.. أو مستحمر، أصغر حجماً بكثير، لا ينهق بإزعاج، ولا يحتل مساحة كبيرة، بل يمكنك طيه ووضعه فى جيبك، وإذا أردت استخدامه، فما عليك سوى أن تنفخ فى الريموت كنترول، فيسّاقط عليك حماراً جنيّاً، بكامل هيئه، ثم إنه لن يكلفك أكلاً ولا شرباً، ولا تلويثا للبيئة، لكن سيعمل بالطاقة الحرارية التى تنبعث من جسدك، إذا كنت رجلاً، أما إذا كنت أنثى، فلا زالت النتائج غير مضمونة، لأن حاسة شم الروبوت لم تتعرف بعد على الرائحة الحريمى، وهكذا يحاول العلماء اليابانيون إيجاد حلّ لها، حفاظاً على شرف المرأة العربية، وصيانة لأنها درة مكنونة وجوهرة مدفونة فى هذه المأفونة!
بين كل ذلك ، تذكرت مقلباً فعلته منذ سنوات مع بعض الأصدقاء فى زميل "كان لسه جاى السعودية طازة" واستغرب لعدم رؤيته لأى حمار، قلنا له، إن السيارات قلبت مفهوم الحياة، وأن الحمير لا تتركز إلى فى منطقة الأحساء الزراعية، والناس "متورطين" فيها، واقترحنا عليه أن يبدأ مشروعاً استثمارياً يوفر به سنوات الغربة، ملخصه، أن يشترى الحمير "الحساوية" المشهورة بقوتها وصلابتها وفحولتها، وستكون بثمن بخس لا يتجاوز 300 ريال (قرابة 200 جنيه وقتها) ثم يصدرها إلى مصر ليبيع الواحد بحوالى 1000 جنيه، ومصاريف شحن الحمار لن تكلف مع أكله وشربه 300 جنيه أخرى، أى أنه سيكسب 500 جنيه فى الحمار الواحد، تخيل بأه لو اشترى 1000 حمار بالجملة، السعر أكيد ح ينزل، ويطلع له مكسب أكثر من 500 ألف جنيه فى ضربة واحدة! وتخيلوا بأه، نص مليون لحلوح، كل شهرين تلاتة، يعنى حوالى 2 مليون فى السنة، ملعون أبو الغربة.
صاحبنا طبعاً صدق إنه ممكن يتحول لرجل أعمال، صحيح رجل أعمال "حميرى"، لكن وماله؟ "أهو كلو تنهيق"، مادام ح يجيب فلوس.. خاصة إننا عرضنا عليه نشترك معاه، ونعمل شركة تصدير واستيراد، وقلنا له إن الناس فى مصر ح يتخانقوا على هذا النوع من الحمير.. لأنه "بركة".. ومستورد، واقترحنا طبعاً بعد جهد جهيد، إقناعه بعمل دعاية كبيرة وحفل افتتاح.
المهم المشروع فشل، لأنه طلع طماع" وعمل حجة إننا اختلفنا على اسم الشركة، ليحاول تنفيذ الفكرة لوحده، وبالتالى يستأثر بكل الأرباح، ورفض الاسم الذى اقترحته أنا شخصيا "دونكى لاند" على وزن ديزنى لاند، يعنى لزوم الموديرن، بينما كان يصر هو على أن يجعل اسم الشركة "حماركو المحدودة" تمسكاً بالأصول والتقاليد العربية! لتنتهى بذلك فكرة أول مشروع "رفس" دولى، لو كان تم، لسبقنا اليابانيين بمشروع الاستحمار العالمى.
لم يكن يومها مطرب الحمير "سعد الصغير" قد غنى "بحبك يا حمار" ولم تكن ثقافتى "الحميرية" استوعبت سوى ما كان من حمار الكاتب الساخر الراحل توفيق الحكيم، وقصص طفولية بسيطة حول حمار جارنا عم عطية، الذى يعود به من "الغيط" وهو نائم، ثم يقف أمام الباب لينهق عدة نهقات متتالية، فيخرج الأولاد والست أم متولى ليتسلموا "الجثة" وينزلوه من على ظهره! فما أن يفيق من غفوته، حتى يصرخ فيهم: مين الحمار اللى جابنى هنا؟ فنضحك نحن عيال الحارة.
حمار عم عطية.. يومها كان غير قابل للبيع، فما بالنا اليوم، وأحفاده قابلون للتصدير، لسلخ جلودهم فى بلاد الهاراكيرى!
ربما لن يلوم أحد حمير مصر، إذا تمت الصفقة، باعتبار أن الحياة ولو ليوم واحد فى بلاد الفرنجة، بالتأكيد أفضل من حياة قرن كامل فى بلاد كنا نغنى لها يوماً "بلاد العرب أوطانى"، ربما ستجد الحمير من لا يعيرها بحموريتها أو بوجبة برسيم، فى وقت يعاير كل حاكم شعبه، بأنه صرف كذا على البنية التحتية، وأنفق كذا على تحسين الطرق، وأن حكومته الرشيدة تدعم رغيف الخبز بملايين الملاطيش!
لن يقول أحد للحمار إنه لا يفهم فى الديمقراطية، وأن أدب النهيق، يستوجب أن لا ينهق فى حضرة رئيس أو زائر أجنبى، كى لا يأخذ ثلاث سنوات سجن مثلما فعل العراقى منتظر الزيدى؟ حمار عم عطية.. مثال واضح لمأساة المواطن العربي، لم يصبح له قيمة فى بلده.. الآخرون عرفوها.. ولو حتى سلخوا جلده، على الأقل سيستخرجون منها أدوية وعقارات، بدلا من أن يرمى لحمه للكلاب.. وفى بلدان أخرى، يعملوا منها "كباب وكفتة"! | |
|