osama jaber كبير مهندسين
عدد المساهمات : 472 تاريخ التسجيل : 02/11/2007 العمر : 37 رقم العضوية : 186 Upload Photos :
| موضوع: ظل الافعى الأحد 1 فبراير - 1:48 | |
| عبده ، زوج عادي جدا ، بسيط جدا ، سطحي جدا ، يحيا في بيت صغير تحيطه العمارات العالية ، يلاحظ تغيرات عجيبة على زوجته التي صارت تميل إلى الخلوة ، وتترنم بتراتيل غامضة في غرفتها الموصدة ، وأشعار عجيبة لا يفهم منها شيئا ، والأدهي أنها امتنعت عن فراش الزوجية ، هذه التغيرات ظهرت بعد أن عادت المراسلات بينها وبين أمها التي سافرت خارج البلاد واختفت من حياة ابنتها في مرحلة الطفولة . ولأنه يشعر بنوع من النقص تجاه زوجته الغنية الجميلة ، ذات الحسب والنسب ، فقد لجأ إلى جدها صاحب النفوذ العسكري الكبير ، الذي ثار ثورة عارمة على عودة العلاقات بين حفيدته وأمها الكافرة المارقة التي اضطرها لمغادرة البلاد بعد موت ابنه ( زوجها ) . لكن الزوجة تصم الآذن عن نصائح جدها وتتحداه ( لأول مرة في حياتها ) ، وتقرر مغادرة بيت الزوجية بعد اقتناعها بأفكار الأم التي تدور حول " الأنوثة المقدسة " ، والأديان القديمة التي أعلت من شأن المرأة ، قبل اكتشاف الزراعة ، وبروز دور الذكر على حساب الأنثى !!. هذا هو الملخص ( البرئ!! ) لرواية ظل الأفعي ليوسف زيدان ، التي أحاول في هذا المقال قراءتها على ضوء جديد والتعرف على رموزها الخفية !! . ........................... لا مفر من الأعتراف بيوسف زيدان رقما جديدا محيرا في معادلة الثقافة المصرية ، يحمل في ذاته قوة كامنة فيه !! بقدرته السحرية على مضاعفة العدد . من حسن الحظ أنه يكتب للنخبة ، هذا هو قارئه المستهدف ، ذلك أن موضوعاته تتماس أحيانا مع الدين ، حتى لو استخدم الحيلة القديمة : فن الرواية الماكر القادر على طرح تساؤلات على لسان أبطال من ورق يتبرأ منها الكاتب عند اللزوم !! . ظل الأفعى ، رواية يوسف زيدان الأولى ، كان من الطبيعي أن نقرأها قبل روايته الثانية عزازيل !! ، لولا أن اسمه - وقتها - كان محصورا في طبقة النقاد والأكاديميين ، ولم يتسرب للقارئ العادي إلا بعد غضبة الكنيسة المصرية التي جعلت الرواية تشتهر !! ، لم يتعلم المتدينون ( من الجانبين ) الدرس المتكرر من السياسيين في بلادنا ، في تجاهلهم التام للنقد الموجه إليهم ، فتموت الأحتجاجات الشعبية بالسكتة القلبية بعد وقت طال أو قصر ، فيما يتسبب حماس المتدينين الزائد في شهرة عمل أرادوا محاربته ، ولولا الضجة التي صاحبت " وليمة لأعشاب البحر " لما سمع ببنيتها الكفرية أحد !! . من الظلم لظل الأفعى أن نقارنها بعزازيل ، التي اعتبرتها ، في مقال سابق ، من أجمل ما قرأت في حياتي ، فمن البديهي ، وبطبائع الأمور ، أن يكون العمل الثاني أكثر تطورا في الصياغة الأدبية ، والحبكة الروائية ، وتطور الشخصيات من العمل الأول . وبرغم أنني وصفت عزازيل بأنها "تساؤلات محرجة في حقل ألغام" ، فإن رواية ظل الأفعي – تصوروا !! - تظل هي الأجرأ في طرح الأفكار !! . بعبارة أخرى : عزازيل هي الأجمل ، وظل الأفعى هي الأخطر !! . .................... يوسف زيدان ليس مجرد فنان مطبوع ، أو شاعر ملهم ، أو روائي بارع ، وإنما هو مؤسسة معرفية تداخلت فيه دراسته ( الأصلية ) للفلسفة مع هوايته (الأصيلة ) في علمي الأنثروبولوجيا والميثولوجيا ، المهتمين بأصناف وأعراق البشر ، مع الأساطير المؤسسة للبنية المعرفية . لا أدري - على وجه الدقة – إن كان سعيدا أم تعيسا بالمعرفة ، لكن المؤكد أن بذور المعرفة تميل بفطرتها إلى الأنتشار ، رسالة خفية للجميع تقول :" ساعدوني أن أنتشر " !! ، هذه الرسالة السحرية ظلت تدوي داخله حتى حملته على كتابة عزازيل ، وكان جوهرها لفت الأنظار إلى دور كنيسة الأسكندرية في صياغة الديانة المسيحية بشكلها الحالي . ومقالي اليوم عن ظل الأفعى هو محاولة لفك شفرة الرواية والتعرف على اسقاطاتها الرمزية ..نصف الكتاب الأول يعرض لنا دهشة " عبده " من تحولات زوجته . " عبده " إنسان بسيط ، يرمز ( للواقع ) في سطحيته وفجاجته.. يسكن في بيت قديم مكون من طابقين ، تحيط به العمارات الشاهقة ، المشرعة النوافذ من كل جهة ( في إشارة للواقع المصري الضعيف غير المتكافئ مع الحضارة الغربية المتقدمة ) ، في البدء كان البيت فخما ومنفردا في المنطقة ( مثل حضارتنا الغابرة ) قبل أن تعلو العمارات الشاهقة جواره ( الحضارة الغربية بعد عصر النهضة ) . في الرواية تتجلى قدرة زيدان الفائقة على بناء الشخصيات المتباينة في البلاغة والتفاهة ، و " الصياغة " و" الصياعة " !! ، عبده - مثل معظم رجال مجتمعاتنا - يجد في جسد زوجته مجالا حيويا لتصريف شهوته الفطرية ، ولا يراها على أي بعد معرفي أو أسطوري .. يسايرها ويصبر عليها من أجل هذا الجسد !!. ولا يعنيه غموضها إلا بمقدار ما يتسبب في حرمانه من إطفاء شهوته !! .. وهذه التغيرات المريبة والترانيم الغامضة التي تتلوها في غرفتها المغلقة يعتبرها - دون أي محاولة للفهم - نزوة امرأة مترفة ، عاشت طفولة مفككة بعد موت الأب وسفر الأم خارج البلاد في ظروف غير مفهومة ، ثم تولى جدها رعايتها فتفانى في تدليلها وفرض سيطرته بما يملكه من نفوذ عسكري ومقام كبير . لن تستغرق وقتا طويلا حتى تفهم أن الجد هو رمز ( لسلطة الدين ) ، في الزيارة الأولى للبيت ( الواقع ) المتواضع كان أول ما لفت نظره ، وأثار امتعاضه ، هو نوافذ العمارات الشاهقة المفتوحة عليه، كان قراره صارما بإغلاق هذ ه النوافذ ( المعرفة ) !! ، واستطاع تنفيذ ذلك بنفوذه !! . لذلك كان طبيعيا أن يلجأ إليه الواقع الخنوع (ممثلا في عبده ) بحثا عن وسيلة تعيد زوجته لغرفة النوم ( سلطة الدين التي تحرم على الزوجة الامتناع عن فراش الزوجية ) !!. هذه قراءتي الخاصة التي ، ربما ، قد تكون مخطئة تماما !! . ....................... سبب تغير الزوجة كان واضحا للجميع : مراسلاتها مع الأم التي عادت للظهور فجأة في حياة ابنتها مع بلوغها الثلاثين ( الرشد / العقل النقدي القادر على الفرز ) ، كان غضبة الجد ( الدين ) عارمة عندما عرف باتصالها بتلك المارقة صاحبة الأفكار الغريبة ( العلم ) ، والذي أستطاع – بنفوذه القوي – أن يطردها – سابقا - من البلد كلها ، لا من حياة ابنتها فحسب ! . الأم تعتنق أفكارا غريبة ، تدور حول " الأنثى المقدسة " !! . هنا يبدأ نصف الرواية الثاني في صورة رسائل معرفية من الأم إلى ابنتها . تقول الرسائل أن ثمة أتفاق بين علماء الأنثروبولوجيا والآثار أن الإنسانية – في عهد قديم موغل في القدم - قدست المرأة طيلة ثلاثين ألف عام ، بما لاحظه البشر من دواعي تقديس الأنثى ، باعتبارها الكائن الغامض السحري القادر – بالولادة - على استمرار الحياة ، كان الإنسان القديم يعتقد أن الدم سائل مقدس نال شرف الإراقة على مذابح الآلهة ، ولئن كانت المرأة تريقه من داخلها بانتظام ، فهي بالتالي مقدسة . كما أنها إذا ولدت صار ثديها موردا للبن المرتبط بالحياة . في ذلك العهد السحيق كان الوثنيون في الحضارات القديمة ( الهند ومصر والعراق والجزيرة العربية وأثينا ) يعبدون الآلهة الأنثى ، أيزيس وعشتار ، وإنانا وأرتميس واللات والعزى ، باعتبار الأنثى هي الأصل !! . الأمومة طبيعة ، والأبوة ثقافة !! .. الأمومة يقين ، والأبوة غلبة الظن !! ، الأمومة أصل في الأنثى والأبوة فرع مكتسب ..سر الأمومة الدفينة في كل أنثى ، منذ لحظة ولادتها ، حتى لحظة امتدادها في الأنثى التي تنجبها . دلت الأكتشافات الأثرية أن أولى مظاهر الدين كانت مرتبطة بإعلاء الأنوثة ، وأولى التماثيل التي صنعها الإنسان قبل ثلاثين ألف سنة كانت لإمرأة حبلى ، ورسوم الكهوف البدائية تحفل بأشياء محلقة على أبعاد متساوية في صورة إمرأة حبلى . لم تعرف الإنسانية طيلة عشرات الألوف من السنين سوى الكهانة الأنثى ، ولو سمع واحد من أهل العصور القديمة عن كاهن مذكر ، لغرق في الضحك ، واعتبرها مزحة سخيفة !! . في ظل هذا المعتقد كانت المرأة مبجلة في المجتمع باعتبارها الأصل ، مصدر القيمة وعماد الأسرة وروح الجماعة !! ، حينما اكتشف الإنسان الزراعة وبدأ الأستيطان ، ثم الحيازة الواسعة ، ثم النزاع على الحيازة ، صار تجييش الجيوش حتميا ، بما ترتب على ذلك من تقدم دور الرجل والإله المذكر ، وتراجع دور المرأة والربة الأنثى ..وتم إعادة صياغة الأسطورة لتعلي من شأن الرجل وتحط من قدر المرأة ..فانتقلت الإنسانية تبعا لذلك من روح الحضارة الأنثوية ، إلى أزمنة السيادة الذكورية ، ومن الولادة إلى الأبادة !! . ................ بمشهد هروب الزوجة من بيت الزوجية بعد اقتناعها بأفكار الأم ، ومشهد عبده يقرأ - في غير فهم - رسائل الأم ، تنتهي رواية شائقة ( وشائكة ) حفلت بكم ضخم من الثراء المعرفي ، رواية تتماس مع "شفرة دافنشي " في موضوع " الأنثى المقدسة "، وتشترك مع " أولاد حارتنا " في الصراع (المزعوم ) بين الدين والعلم !! .. ويبقى تعقيب صغير عن تطور الديانة أود أن أطرحه من وجهة نظري ، ولكني أرجو أولا من السادة القراء أن يبتعدوا عن القراءة المتربصة ليفهموني على وجه صحيح ولا يسيئوا فهمي . فكرة تطور الديان أقرها العقاد في كتابه " الله " وعارضها سيد قطب في الظلال ، موضحا فساد هذا الرأي ببديهة أن الإسلام هو دعوة كافة الأنبياء بدءا من آدم عليه السلام وانتهاء بخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم . طبعا العقاد لم يأت بنظرية تطور الأديان من عنده ، وإنما بناء على أكتشافات أثرية ، ونظريات أنثروبولوجية . ورأيي الذي أود أن أطرحه ، تعقيبا على رواية يوسف زيدان ، وكتاب العقاد ، أنه لا تناقض البتة بين تطور الديانة ، وبين الوحي المقدس : نزل الوحي الإلهي - كاملا تاما - بالتوحيد الناصع النقي على قلوب الأنبياء ، لكن الأرض كانت – بدون وسائل اتصال - شاسعة . والفجوات الزمنية بين الأنبياء واسعة ، والعقل البشري في طفولته الأولى عاجز عن الفهم . فهناك شعوب لم تصلها دعوة التوحيد في مرحلة ما ، أو وصلتها وانتكست عنها ، كان محتما أن يلجأ الإنسان البدائي في بعض الحقبات السحيقة إلى استلهام الطبيعة لمحاولة فهم إشكالية الوجود ، وتلمس جوابا للسؤال البديهي الأزلى : من خلقنا ؟ ، فتطورت الديانة – بمعزل عن الوحي السماوي – من عبادة الأرواح والأسلاف والطوطم ، والسحر كدين ( كما فصل العلماء ) إلى الأوثان مؤنثة ومذكرة !! ، ثم إلى توحيد الآلهة – كأجتهاد بشري - ممثلا في قرص الشمس ، أتون الذي هجر - من أجله - إخناتون طيبة ، وبنى مدينته أفق آتون في وسط الصعيد . أما دعوة التوحيد التي نزل بها الروح الأمين بدءا من آدم ، وأشرقت بها شمس النبوة المحمدية ، فلا مجال فيها للتجربة ، ولا موضع فيها للاجتهاد ، فهي تامة كاملة من البداية ، بحكم أنها أتصال المطلق بالنسبي ، ورحمة السماء بالأرض ، وحي مقدس من لدن رب العالمين جل جلاله . بعبارة أخرى : كلا الأمرين حدث ، مع تأكيد الفارق بين وحي مقدس ، وتجربة بشرية . ................... أما عن علاقة الدين بالعلم ، وتصادم الجد بالأم ، فإن رأيي الصارم ، ويقيني الراسخ أن الله الذي خلق أكثر من مائة مليار مجرة في الكون ، هو – سبحانه – الذي أنزل الكتب السماوية ، وعلى رأسها القرآن ، ولذلك يستحيل وجود تناقض بين العلم والدين ، إلا إذا اسيء فهم أحدهما أو كليهما أو تعدى أحدهما على مجال الآخر. سوء الفهم قد يأتي أحيانا من جانب العلماء ( كما حدث في القرن التاسع عشر في زمن الحتمية النيوتنية وتوالي الأكتشافات الكبرى، أو كتصريح جاجارين الأبله في القرن العشرين : صعدت إلى الفضاء فلم أجد إلها !! ) . وقد يحدث سوء الفهم من جانب علماء الدين ، سواء بإنكار حقائق علمية مؤكدة مثل الفتوى الشهيرة التي أنكرت كروية الأرض والصعود إلى القمر ، أو إدخال الدين في مجال العلم التجريبي الذي لا يصح إقحام المقدس فيه ، كالتوسع والتكلف في مفهومي الطب النبوي والإعجاز العلمي في القرآن الكريم !! .. فالعلم نسبي وتجريبي ومتغير ، والدين مطلق وثابت ومقدس ، ولكل منهما مجاله الخاص الذي يعمل فيه . العلم يطور أدواتك وفهمك للكون ، لكنه غير قادر – مهما فعل - أن يهبك السكينة ، تلك هي عطية الدين بأمتياز !! ً. .............. وتظل رواية ظل الأفعى - رغم المحاذير - جديرة بأن تقرأ ، بما تحتويه من عصف عقلي ، وبنية معرفية ، وتحريض على السؤال . السؤال هو الإنسان !. السؤال نصف الإجابة .. السؤال يحلق بالإنسان .. الكائنات غير الإنسانية لا تسأل وإنما تقبل حاضرها كما هو ... مهمتنا أن نحتفل بالسؤال الجيد ، فالأسئلة الجيدة نادرة ، في بلاد الإجابات المعلبة ، الجاهزة لكل شيء . وبرغم كل شيء ، تبقى الحقيقة القاسية : بعض الأسئلة ليست لها إجابات !! . ظل الافعى ، محاولة لفك الشفرة ـ د.أيمن محمد الجندي
| |
|
Leave Me Alone عضو بدرجة مهندس إستشارى
عدد المساهمات : 2909 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 العمر : 34 الموقع : Every Where رقم العضوية : 1981 Upload Photos :
| موضوع: رد: ظل الافعى الأحد 1 فبراير - 2:46 | |
| الرواي دى جامده موووووووووت وعلى فكره ظل الأفعى قصه للنابهين أصحاب العقول المستنيره زى أغلب قصص زيدان | |
|