zeko_egyco عضو موقوف نهائيا
عدد المساهمات : 970 تاريخ التسجيل : 26/06/2007 رقم العضوية : 15 Upload Photos :
| موضوع: لزوم ما يلزم الأحد 11 نوفمبر - 15:17 | |
|
لزوم ما يلزم
ازدادت حركة إطلاق الفتاوي الدينية أخيرا بدرجة لافتة لتتصدي لبعض ما طرأ من مشكلات وقضايا ذات طبيعة سياسية واقتصادية, فضلا عن قضايا فنية وإبداعية لا علاقة لها بالدين, بما يوحي بأنه قد جري استبدال الفتاوي الدينية بالإجراءات والبرامج التي يفترض أنها مسئولية الدولة والحكومة والحزب الحاكم.
فبعد أن عجزت الحكومة عن حل مشكلة السحابة السوداء وإدخال أساليب علمية وعملية للتخلص من حرق قش الأرز, استنجدت فيما يبدو بدار الإفتاء التي تطوعت بإصدار فتوي تجعل حرق قش الأرز من الكبائر التي يدخل مرتكبها النار, استنادا إلي مبدأ لا ضرر ولا ضرار, وبحجة أن حرق القش يسبب التلوث والإضرار بصحة الآخرين.
والواقع هو أن المزارعين الذين عجزت الحكومة عن توفير الوسائل الحديث لهم للتخلص من قش الأرز سواء بتدويره أو بتحويله الي مصدر للسماد أو الطاقة البديلة.. هم الذين يقع عليهم الضرر اذا أبقوا مخلفات القش في الأرض ولم يتخلصوا منها لزراعة المحصول الجديد. ومن ثم يصبح من واجب دار الإفتاء ـ قبل إصدار هذه الفتوي ـ أن تقدم حلولا عملية للمشكلة إذا كان ذلك من اختصاصها.
وفي سياق المأساة المحزنة لغرق آلاف الشباب الباحثين عن فرصة للعمل والرزق عبر البحر المتوسط, بعد أن ضاقت بهم السبل في قراهم ونجوعهم, وعجزت الدولة عن توفير فرص العمل أمامهم وتكدست أفواج الخريجين في صفوف البطالة المزمنة, تصدمنا فتوي أخري لا تقول إن أرض الله واسعة فهاجروا فيها, ولا تحرض الشباب علي العلم والاتقان وهو الباب الذهبي في البلاد الصناعية المتقدمة التي تطلب الكوادر المتعلمة المدربة.. ولكنها تضيف الي يأسهم يأسا وإلي بؤسهم بؤسا وتنذرهم بأنهم إن غرقوا قرب السواحل الايطالية, فلن يحتسبوا من الشهداء عند الله.. علما بأنهم لم يركبوا الأهوال طلبا للشهادة, علي كل حال, بل طلبا للرزق الذي لا يحصلون عليه في بلادهم.
إن مثل هذه الفتاوي التي تعكس الأوضاع, فتجعل الضحية هو المذنب المسئول, وتبرئ أجهزة الدولة والمجتمع من قصور السياسات والأدوات, سواء في حالة حرق قش الأرز, أو في حالة توفير فرص العمل وتدريب الشباب علي مهن تحتاجها سوق العمل في حالة هروب المئات منهم الي الخارج.. لا تخدم غير سياسات التبرير وهي نوع من خلط الدين بالسياسة, بالضبط مثل فتوي تحريم مقاطعة الانتخابات أو منع المظاهرات وغيرهما كثير.
وهكذا يبدو أن الدولة المدنية التي يتحدثون عنها هذه الأيام ليست مدنية علي اطلاقها. بل يمكن أن يستغل فيها الدين بدرجة أو بأخري. وعلي الذين ينتقدون برنامج الإخوان الذي تضمن هيئة لرجال الدين يعهد اليها بالفتوي في شئون الدولة وسياساتها أن يقولوا لنا ما الفرق بين رجال الدين في خدمة الحكومة حاليا ورجال الدين في برنامج حزب الإخوان؟!! | |
|