عدد المساهمات : 3368 تاريخ التسجيل : 25/07/2007 العمر : 39 الموقع : كلية الهندسة _قسم الهندسة المدنية رقم العضوية : 31 Upload Photos :
موضوع: الشرطة تعتدي على القضاة الجمعة 10 أكتوبر - 13:05
الشرطة تعتدي على القضاة
كان من المقرر أن أكتب في هذا اليوم عن الناشطين السياسيين " مسعد أبو فجر" و "يحيى أبو نصيرة" المعتقلين في سجن برج العرب من نهاية العام الماضي، أطالب فيه النائب العام بتحريرهما من احتجاز الشرطة التعسفي لهما بعد أن حكم القضاء ببراءتهما مما نسب إليهم من تهم ملفقة، وأصدرت النيابة العامة أوامرها باخلاء سبيلهما، لكنني غيرت رأيي وقررت أن أكتب عن اعتداءات الشرطة على القضاة، والحقيقة لم أبتعد عن الموضوع الأول وبينهما رابط قوي، وقاسم مشترك وهو فجور الشرطة في استخدام سلطاتها.
آخر ما كان يدور بخيال أي مؤلف ان يعتدى ضباط الشرطة على القضاة بطريقة عمدية سافرة سافلةـ بالرغم من الاعتداء الذى وقع على القاضي محمود حمزة أمام نادي القضاة إبان أزمة القضاة في ابريل 2006، وأعتبر الاعتداء الاستثناء في وقت الالتباس، انتهت المشكلة بمصالحة ببن الطرفين طمعت رجال الشرطة وجرأتهم على القضاة. كرروا نفس الفعل الاستثنائي بفعل منهجي في مطار الأقصر مساء الاثنين 22/9/2008، عندما توجه قاصيان الى مطار الأقصر للذهاب الى القاهرة، وأثناء دخولهما البوابة الرئيسية للمطار اعترضهما أحد أمناء الشرطة، طالبا منهما ابراز تذاكر السفر، أخرج أحدهما التذكرة، وأخبره الآخر بأنه حجز تذكرته تليفونيا، وطالبه بالتوجه الى مكتب شركة مصر للطيران للتأكد، وأظهر القاضي تحقيق شخصيته الذي يثبت أنه " رئيس محكمة".
رفض أمين الشرطة دخول القاضي من بوابة المطار الرئيسية ودفعه خارجها. نشبت مشاجرة كلامية بين القاضيين وأمين الشرطة، جاء على أثرها ثلاثة ضباط، قاموا بالاعتداء على القاضيين بالضرب بالشلوت "وسب الدين" و "سب القضاة". رفضت القيادات الأمنية الاستجابة للقاضيين لتحرير مذكرة بما حدث، أعقبها ذهابهما الى النيابة العامة بالأقصر وحررا مذكرة بالواقعة. أمرت النيابة بحبس أحد الضباط لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيق، وأخلت سبيل الضابطين ب500 جنيه كفالة لكل منهما، وطالبت بالقبض على أمين الشرطة. حضرت قيادات الأمن ( مدير أمن الأفصر و مدير أمن المطار ورئيس المباحث ) وعرضت الصلح على القاضيين- كعادتها بعد كل مشكلة- حفاظا على هيبتها أمام المجتمع. رفض القاضيان الصلح، ومازال الأمر رهن التحقيق.
تجاوزت الشرطة حدود المسموح لها، وأصبحت سلطة حاكمة متحكمة في الشعب، ولا يمكن عمل أي شيء في الدولة إلا بموافقة الأمن حتى لو كان في الحصول على عضوية جمعية فئوية. ضعف النظام الحاكم وإطلاق يد الشرطة أنساها طبيعتها وحولها من خادمة للشعب إلى قاهرة له ومنتهكة لحقوق الانسان.
الحديث عن فساد مبارك ونظامه والعمل على إزاحته لا ينسينا ويبعدنا عن الحديث عن فساد جهاز الشرطة واستبداده. ومن الأنسب والأصح في هذه الظروف أن نطالب بحل جهاز الشرطة وتسريح أفراده، والعمل على إنشاء جهاز جديد يقوم على قاعدة المواطنة وتكافؤ الفرص، وليس على قاعدة الإستثناء والإستعلاء. إذا كان هذا يحدث مع القضاة فماذا يحدث مع الشعب العادي، وكيف تكون صورة القاضي وهيبته بعد اعتداءات الشرطة عليه أمام المجتمع؟
الاعتداء على القضاة جريمة تستوجب محاكمة المعتدين، ومحاكمة وزير الداخلية حبيب العادلي باعتباره المسئول الرئيسي عن تجاوزات الشرطة. اهتزاز صورة القاضي يعني انهيار العدالة، وانهيار العدالة يعني انهيار الدولة ونشوء مجتمع الغاب، وتسييد قانون البقاء للأقوى، وغير مستبعد أن نرى لواءات الشرطة قضاة في الدولة البوليسية القائمة. هل بوسعنا أن نطالب القضاة بحمايتنا من تجاوزات الشرطة؟