سيد الندل
يكتبها : المصري
مش كل الناس اللي بافتكرها عرفتها بشكل شخصي. فبعضهم سمعت عنه وبعضهم شفتهم لكن لم اصاحبهم.. وسيد الندل كان واحد منهم.. أول مرة سمعت عنه في بلدنا سألت ابويا عن معني الكلمة. فالندالة لم تكن معروفة زمان.. والله يرحمه قال لي الندل مالوش صاحب ولا يتصاحب.. استغربت أن فيه ناس كده لكن أبويا قال لي الصنف اللي زي "سيد" قليل لما تلاقيه لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان دايما يقول الخير في وفي أمتي ليوم الدين..
سيد الندل دهه كان معروف في كوم حماده وايتاي البارود علي انه ماركة الندالة.. لا عمره جامل حد ولا واسي في مأتم ولا جنازة.. كان يروح الأفراح يأكل علشان يوفر وجبة في بيته.. كان غني لكن الندالة طبع..
زمان الناس كان اللي في جيبها لغيرها. لكن سيد كان اللي في جيبه له هو فقط.. ليه ما اعرفش.. عمره ما تبرع لصندوق المسجد ولا للأيتام الذين كانت الجمعية الشرعية تتولاهم وتنفق عليهم.
سيد كان عنده أرض أجرها للفلاحين ومطحن يطحن فيه الدقيق وعمره ما سامح في مليم وكمان عمره ما استجاب لست غلبانة تطلب شوية دقيق.
سيد كان واخد كل حقوقه. لكن عمره ما فكر أنه يؤدي واجباته.. ندل بقي.. باع دهب مراته علشان يشتري أرض وقالها حا اكتبها باسمك.. خد الختم بتاعها وباع أرضها ولأنها مبتعرفش تقرأ وتكتب معرفتش إلا لما طلقها! خرج عياله من المدارس وقال يساعدوني في المطحن والأرض الزراعية.. العيال سمعوا كلامه لكن لأنه ندل اتجوز واحدة تانيه مُلعب وكتب لها نصف الأرض والنصف الثاني اتقاسمه ولاد الجديدة مع ولاد "الأصيلة".
الناس في بلدنا كانت بتجيب سيرة سيد الندل علي اساس أنه راجل مالوش مثيل أو شبيه. لكن الآن لو كان سيد الندل موجود مكنش حد اهتم بيه. لأن الناس أصبحت لا تجامل ولا تشارك في واجب عزاء.. أصبح معظمنا لا يهتم إلا بمصلحته وليذهب الجميع إلي الجحيم.. كلنا بنقول "ياللا نفسي" وبالتالي فقد تحولنا دون أن ندري إلي نماذج مختلفة من سيد الندل تختلف طبقا لاختلاف المصلحة التي نسعي وراءها.. لذلك فإن ما كنا نستنكره بالأمس أصبح عاديا اليوم وما كنا نتصور أنه من النقائص أصبح من السمات المتعارف عليها واشترك فيها كثيرون.. الندالة أصبحت صفة عادية جدا لا تستدعي أن نرصدها في هذا أو ذاك. وليس عيبا أن نصف بها أحداً فالجميع بما فيهم بعض الكبار أصبحوا يتحلون بقدر من الندالة وبالتالي لو كان سيد الندل معنا لتاه وسط زحام الأندال ولم يشعر به أحد