فتحية الحكيمة

الكاتب:المصرى كانت لحيمة و شحيمة.. طول بعرض.. عمرها معرفت تلبس البالطو الأبيض بتاع الحكيمة أو الممرضة.. رغم مظهرها المضحك لكن العباسية كانت بتحلف بحياتها.. زمان ماكانش فيه سرنجات بلاستيك.. التعقيم كان بالغلي.. الحقن زجاج نفضل نغليها ربع ساعة ويمكن أكتر.. سنون الحقن كانت حديد.. وماينفعشي واحد ياخد مطرح التاني.
فتحية دخلت بيوت كتير.. لا كانت بتقرا ولا بتكتب.. بس كان عندها رحمة وحنان.. مرات كتير أدت الحقنة ببلاش خصوصا لما يكون المريض عيل صغير والا عيلة.. ولما يعيطوا يقطعوا "قلبها".. فتحية كانت بتشتغل في مستوصف الصبح وبعد الضهر عند الدكتور أحمد.
فتحية ياما سمعت حكايات من ناس وعنهم.. وعرفت أسرار عن زوجات وأزواج.. وسمعت بلاوي كتيرة وشافت خناقات.. لكن عمرها ما نقلت أسرار البيوت.. ولا خاضت في سيرة الناس.. واحدة تجيلها تسألها عن أخلاق بنت عايزة تجوزها لابنها.. وفتحية بتدخل بيتهم وعارفه كل حاجة عنهم وعن أخلاق بنتهم.. لكن الحكيمة عمرها ما تكلمت.. بس تقول أنا مش خاطبه.. ولو واحد سألها مراتي عندها إيه تقول له اسأل الدكتور.. ولو ست سألتها عن الحقن اللي بياخدها جوزها تقول لها برضه اسألي الحكيم.. أكتر من سلامو عليكم أو بالشفا عمر الناس ما سمعت منها كلام لا بطيب ولا برضي.. الستات في الأحياء الشعبية هوايتهم الكلام.. فلانه راحه وفلان جه.. المعلم نام عند مراته القديمة والجديدة غضبت وراحت بيت أبوها.. ورشة الاسطي حنفي مبقاش فيها صنايعية لأنه ناشف شويه.. ويفضلوا علي الحال كده كتير.. لأن زمان لا كان فيه فيديو ولا فضائيات ولا تليفزيون ملون ولا حتي أبيض وأسود.. علشان كده كان الكلام تسليه رئيسية.. بس فتحية عمرها ما اتسلت معاهم. ولا خدت وادت في الكلام.. مرة جارتنا سألتها ليه ما بتتكلميش وتحكي معانا يا فتحية.. قالت لها النهاردة أكلمك عن فلانة وبكره حا اكلم عليكي.. فتحية أصرت علي أن المجالس أمانة.. لكن دلوقتي الناس بتنهش في أعراض بعض.. زمان كان الكلام غيّه علشان مفيش تسلية.. دلوقتي فيه فضائيات ونت وموبايل وصحف وبرضه لسه الكلام غيه.. احنا مفرقناش كتير عن أيام فتحية.. زمان الستات كانت بتتكلم من الشبابيك وقدام الباب وفي السطوح بالساعات.. دلوقتي الكلام اتنقل من الشبابيك للفضائيات.. والناس بدل ما كانت بتجيب سيرة بعض علي مستوي الشارع والحارة.. دلوقتي "التقطيع" بقي علي الهوا.. والردح له فنون بيقولوا عليها ديمقراطية.. وساعات يسموها حرية.. حزب ولا صحيفة ولا فضائية ولا نائب كلهم غيتهم الكلام.. مفيش دليل علي أنه صح أو علي أنه غلط.. المهم أنه كلام وتقطيع ويظهر أننا كمصريين ما اتغيرناش.. من 50 سنة كنا نجيب سيرة بعض علي السطوح.. دلوقتي الفضيحة بقت بالألوان.. ويظهر أن الحكيمة فتحية مكنتش مصرية. لأنها كانت بتهرب من الكلام زي ما تهرب من الحيّة أو الحنش.. ودلوقتي بس افتكرت أن فتحية كانت بتقول علي هواة الكلام أنهم "ناس فاضية"! ويظهر أن البلد كلها بقت فاضية للكلام.

مقاله جميله

اقتباس :

فتحية أصرت علي أن المجالس أمانة.. لكن دلوقتي
الناس بتنهش في أعراض بعض.. زمان كان الكلام غيّه علشان مفيش تسلية..
دلوقتي فيه فضائيات ونت وموبايل وصحف وبرضه لسه الكلام غيه